"فن التجربه الشعريه" عباره عن منظومات حالات نفسيه مكثفه " الجزء الأول"
			 
			 
			
		
		
		
		
       
		
			
			في التجربة الشعرية  
التجربة الشعرية  عبارة عن منظومة حالات نفسية مكثفة ، تنبثق عن عوامل و دوافع مختلفة وعديدة ؛إذ أن قضية البيئة  ومقاربتها تبدو شائكة وصعبة ، وأنه لا يمكن  إيضاح هذه العوامل بشكل حاسم .لكن يمكن ذكر أحداث حاسمة في حياة  الشاعر، ومتابعة تحولاتها و تفاعلاتها  ؛ والتي  لعبت دورا رئيسيا في بلورة شاعريته .  فالتجربة الفنية والشعرية خصوصا; يستحيل أن تتطابق عند شاعرين مهما كانا معاصرين  ومتفقين  في مسائل الوجود والكون والحياة ،أو تشابهت بيئتهما و وظروفهما ، وكانا ينتميان إلى مدرسة شعرية واحدة . 
 
كل ّ فنان يرى إلى العالم مثلما يريد و رؤاه تتميز عن رؤية الآخرين. وثمة فارق بين معرفة الفيلسوف والمتصوف ؛ إذ  كلاهما على دراية بالوجود وبالله ، لكنّ الأول يتحسس الله خلال إدراكه الوجود و فهم علله ؛ لكن المتصوف يختلف عنه بأنه يرى الله أولا، ومن ثم يحسّ بالعالم في نور الحق ؛ فهو يرى الله في كل شئ ، إذ قبل أن يرى الشيء يتراءى له الله .  
 
أتيت بالمثال أعلاه لأنّي أرى تشابها بين طرائق التجريب عند الفنان و المتصوف . كلاهما يكدّسان حالات جوانية مكثّفة ؛ فيضفيان شخصيتهما وصبغتهما  على عوالمهما، و يبلورانها وفق أذواقهما ، و بأدواتهما الخاصة , فيتجاوزان اللغة المألوفة سعيا وراء آفاق لغوية أوسع . الفنان ينبهر أمام الوجود ، و كثر ما يؤدي انبهاره ذاك إلى الانبهار بالنفس – النرجسية -  والذي سيطبع حياته بطابعه و يحركه فنيا وشعريا. لذلك نرى الناس العاديين و  الذين  وسيلتهم العقل فقط في فهم الوجود  نادرا ما يفهمون الشاعر، فانّه يبدو لهم غير مألوف بمظهر  غير رسمي وغير مصمم  من قبل بيئته الرسمية ؛ حيث انه يرتدي أزياء من هندسة خياله . 
 
يقول اوكتافيو ﭙاز: 
 
الأسماك ضياء في قلب البحر المظلم  
 
والطيور نور في ليل الغابة الدامس  
 
وعظامنا كذلك  
 
برقٌ في ظلام الجسد  
 
آه! فالعالم كله ليل  
 
والحياة فيه ضياء . 
 
في المقطع الشعري أعلاه ؛ يبني باز عالما من نسيج خياله وفق رؤيته الخاصة للكون والوجود.  
 
وشاعر صيني يقول: 
 
" أمس ؛ رأيتني فراشة ؛ والآن لا أدري  إن كنت إنسانا  لقي نفسه فراشة في الحلم ، أم فراشة رأى نفسه إنسانا في حلم الآخرين "  
 
إن ّتبدلات الحلم و الواقع ليست خاصة بالفنانين بل بكل إنسان ؛ لكن الفنانين هم يعترفون بطرفي المسألة ولا يضحون بأحدهما على مذبح الآخر . 
 
فالشعراء كثرما  يتناولون الحلم بحيث لا يكون أمام مخاطبيهم  أو جمهورهم سوى القبول برؤاهم ، و في الكثير من الأحيان تهتز الأرض من تحتهم من اثر تصوير الشعراء لواقعهم كسراب ؛ فلولا الالقاءات  الرؤيوية  للشعراء لكان العالم بشكل آخر؛  و ما كانت  الوردة جميلة مثلما نتصور،  ولم تكن  لكلمة "الحب" ذلك السحر والجلال  
 
يقول الشاعر العرفاني  نسيمي: 
 
نملك علامة اللامعلوم ... و نعرف لغة اللالغة   
 
نحن من نطفة .. غدونا نبع الحياة  
 
نحن أطفال في أيام الشيخومة ... و شيوخ في عالم الشباب  
 
إن لم يكن لنا مكان في هذاغ العصر .... نقول إننا من علامات اللامكان  
 
فنحن سيمرغ عالم اللامكان ....  و مقصود الأرض و السماء 
    
    
					
       
			
		 
		
		
		
		
		
		
		
			
				  
				
					
						التعديل الأخير تم بواسطة ابراهيم الشدي ; 12-25-2005 الساعة 10:14 PM
					
					
				
			
		
		
	 |