قلبُ الطفل لا يقبل الفراغ , وعقله لا يستوعب أن يكون خالياً من فكرٍ أو نشاطٍ أو حركة , لذلك تراه يخْترع لنفسه ما يشغله , فيلعب بأثمن الأشياء كما يلعب بأتفهها ,
ليس للثمين عنده قيمة , وليس للتافه عنده ازدراء , فتراه يلعب بالثمين ويزدريه ، ويلعب بالتّافه فيقتنيه , فهو يرى كل شيء في هذه الحياة قابلاً للعب.
وعلى العكس تماماً فإن أغلب الأمّهات يرين في لعب أولادهن داءً عُضالاً , وشغباً دائماً , وإزعاجا لأهل البيت وإقلاقاً لراحتهم.
لكنّ الطفل يرى الحياة لعباً , ولم لا وهو لا تكليف يحبسه ولا جناح يمنعه وهو الذي لا إثم منه.
لكنّني أعجب من أمًّ تنهال توبيخاً لطفلها لأنّه أفسد بلعبه بعض المقتنيات , وربّما أوجعتْهُ ضرباً لأنّه كسر صحناً أو أوقع ملعقة.
بينما يقول الإسلام للوالدَين :" إنّ الضرب لا يستعمل إلا بعد سنّ التمييز ولأمور عظيمة ومهمّة كترك الصلاة , وهو أعلى العقوبات وأشدها فعن عَمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أَبِيهِ عن جَدَّهِ قال :" قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « مُرُوا أَوْلاَدَكُم بالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبنَاءُ سَبع سِنِينَ وَاضرِبُوهُمْ عَلَيهَا وَهُم أَبنَاءُ عَشرٍ ، وَفَرِّقُوا بَينَهُم في المَضَاجِعِ».
فمرحلة الطفولة مرحلة توجيهيّة وصدق عليّ رضي الله عنه حيث قال:« لاعِب وَلَدك سبعاً وأدّبه سبعاً واصْحبْه سبعاً».
التربية باللعب
تعتبر نظرية التربية باللعب من أحدث النظريّات التربويّة إذ
يمكن من خلالها توجيه الطفل بشكل غير مباشر إلى أمور عديدة ,
بالإضافة إلى تعبئة فراغه وتفريغ طاقته.
وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يداعب الأطفال ويشاركهم , ويسمح لهم باللّعب , بل إنّه كان يمازحهم في طريقة لعبهم فعن أنس قال:" كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس خُلقاً ، وكان لي أخٌ يقال له أبو عُمَير ـ قال أحسِبُهُ فطيماً ـ وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ، ما فعلَ النُّغَير؟ نُغَرٌ كان يلعَبُ به ، فرُبما حضرَ الصلاة وهو في بَيتِنا ، فيأمر بالبساطِ الذي تحتهُ فيُكنَسُ وينضح ، ثم يقوم ونقوم خَلفَه فيُصلِّي بنا».
فدل هذا الحديث على اللعب مع الصبيان وممازحتهم وتكنيتهم وغير ذلك..