عابر حياة !
في رغد من العيش كان هناك حاكم يسكن قصراً من ذهب ، ومدينة من جواهر ، يقضي في شعبه ، ولا يُقضى عليه ، وفجأة تبدل الحال ، وأصبح من المحال ، فلم تعد الزوجة سعيدة ، ولا الرعية راضية ، ولا الشوارع آمنة .
ولم يكن أمام الحاكم من حل سوى التوجه إلى حكيم زمانه ، يعينه على ما ابتلاه ربه لا أحد سواه ، فيخبره بمبتغاه ، لعل الغمة تنقشع ، ويزول الكرب ويرتجع ، فأشار حكيم الزمان على الحاكم الظمآن ، بأخذ صندوق مركون ، من العيون مكنون، فيه سر الحياة ، وبالقفل مختوم ، فرح الحاكم بالعطية ، وظن خلاصه مطية ، فأسرع من فوره إلى قصره، وبالصندوق إلى فتحه ، فلم يجد فيه سوى ورقة مطوية ، تحمل من المعاني ثلاث كلمات رمزية ، تقول حروفها : « وهذه أيضاً ستمضي » ، فلم يع تماماً ماذا تعني ! وهل عليه أن يضحك من مصيبته أم يبكي ! ولكنه تماسك ، وبالإيمان تبارك ، فاجتهد وجد، وعمل وكد ، فازدهرت البلاد ، وغنت الأعياد .
وجاء « يوم الحكمة » بالميعاد ، فأتى حكيم الزمان ، يطلب مقابلة السلطان ، ليطلعه على مغزى ما اختلط عليه فهمه ، مدوناً في الكتاب منذ الأزل محفوظاً علمه ، فجيء بالورقة ، وقيل للحاكم إليك مرة أخرى ، اقرأها وأنت مكرّم منعّم ، كما تقرأها وأنت صريع محطّم ، فكما تتجاوزك أيامك العصيبة ، كذا هي أيامك الهنيئة ، فلا دامت قبلك ، ولن تفعل من بعدك ، فلا تنس أنها دائماً ستمضي ! ولا يبق سوى نهاية واحدة علينا تسري ! مهما جمعنا ومهما فقدنا .