|
الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام أبُحآر َقِلمَ عُبُر حرٍف ومقِآل |
للإتصال بالإدارة عند حدوث أي مشكلة أو إبداء رأي
الإهداءات |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-13-2009, 01:20 PM | #1 | ||||
|
بقدر قيمتك يكون النقد موجه إليك..
..:: بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك::..
رذيلة الحسد قديمة على الأرض، قدم الإنسان نفسه. ما إن تكتم لخصائص العظمة في نفس، أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغصاً لا يريحه إلا زوال النعمة، وانطفاء العظمة، وتحقق الفشل.. وقد كنت أظن أن مسالك العظماء، وأنماط الحياة المترفعة التي تميز تفكيرهم ومشاعرهم، هي السبب في كراهية الساقطين لهم، وتبرمهم بهم. ثم تبينت خطأ هذا الظن، فكم من موهوب لا تزيده مادته إلا تقرباً إلى الناس، وعطفاً عليهم. ومع ذلك فإن التعليقات المرة تتبعه، وكذلك التشويه المتعمد لآثاره الطيبة، والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة .. فما السر إذن؟ السر أن الذميم يرى في الجمال تحدياً له والغبي يرى في الذكاء عدواناً عليه، والفاشل يرى في النجاح إزراء به، وهكذا ... فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟؟ إذا محاسني اللاتي أدل بها كانت ذنوباً فقل لي كيف أعتذر؟ وقد رأى أحد العلماء أن يضع حداً نفسياً لهذا العراك بين أولي الفضل والمحرومين منه فقال: إن يحسدوني فإني غير لائمهم فدام لي ولهم ما بي وما بهموا ! قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا ومات أكثرنا غيظاً بما يجد !! وليت الأمر ينتهي باستجابة هذا الدعاء ! إن وقائع الحياة أعتى مما نتمنى، ودسائس الحاقدين ومكائدهم ومؤامراتهم لا تنتهي حتى نبدأ. وهم يصلون في أحيان كثيرة إلى ما يشتهون من سوء. وكم من عبقريات مرّغتها في الوحل خصومات خسيسة.. إن الحال في كل زمان تحتاج إلى أمداد سريعة من المساندة أو العزة لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم، وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء. وذلك لكثرة ما يصيبهم من تعويق المثبطين وإيذاء الناقمين والشامتين. أجل إنهم في حاجة لأن يقال لهم: لا تأسوا، فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو كفاء ما أوتيتم من طاقة ورسوخ. قال "ديل كارنيجي" : "كثير من الناس يجدون تشفياً في اتهام شخص يفوقهم ثقافة أو مكانة أو نجاحاً، مثال ذلك أنني تسلمت رسالة من سيدة تصب فيها جام نقمتها على "جنرال وليم بوث" مؤسس "جيش الخلاص" . وكنت قبل ذلك قد أذعت حديثاً في الراديو أمتدح فيه الرجل وأثني على جهوده. وقد كتبت إلى هذه السيدة تقول: "إن الجنرال بوث اختلس ثمانية ملايين دولار من المساعدات التي جمعها للفقراء والمساكين ". والحق أن التهمة سخيفة، وهذه المرأة ما كانت تستهدف الواقع، وإنما كانت تبغي النيل من رجل عظيم، رجل أرفع منها بمراحل. وقد ألقيت برسالتها في سلة المهملات، وحمدت الله على أني لست زوجاً لهذه المرأة. فإن الرسالة لم تزدني علماً بالجنرال "بوث" كما تبغي كاتبتها، وإنما زادتني علماً بالكاتبة نفسها، فكما قال: "شوبنهاور": ذوو النفوس الدنيئة يجدون المتعة في البحث عن أخطاء رجل عظيم .. " قال: " وقلما يصدق المرء أن رئيساً لجامعة كبرى يمكن أن يسلك في عداد ذوي النفوس الدنيئة ". ولكن المدير السابق لجامعة "بيل" وهو "تيموني داويت" وجد متعة كبيرة في سوق الاتهامات المغرضة المكذوبة ضد الرئيس "توما سبحانه جيفرسون" العظيم، محرر وثيقة الاستقلال. إن "مدير الجامعة" منصب علمي جليل، وجدير بمن يلونه أن يكونوا آيات في النبل والسمو، لا قادة لحملات التضليل والافتراء. ولكن الروابط مفكوكة بين كبر الوظائف وكبر النفوس. وكم من كبار الموظفين من رجال تصرفهم الأثرة وحدها، ويضريهم الاستعلاء وتنازع السلطات واجتياز المنافع واسترضاء الأتباع. وأكاد أقول أن التحاسد على الصغائر له مجاله بين الصغار. أما الصور الكالحة للحسد، الطامة للحق، المرهقة للضمائر، فهي بين أولئك الكبراء في مناصبهم المرموقين بالتجلية والاحترام في أغلب الأحيان. ومنذ أربعة عشر قرناً ظهر "محمد بن عبد الله" في العرب. ،صلى الله عليه وسلم، وكان أصحاب الرياسات الدينية المبجلة من الأحبار والرهبان قد أحسوا نبأه، والتقوا به ليستوثقوا من صدق دعوته وصحة رسالته. ولم يحتج الأمر إلى طول تمحيص، فسرعان ما أيقن القوم أنهم أمام رسول من رب العالمين، يجب أن يؤمنوا به، وأن ينضموا إليه. بيد أنهم طووا أنفسهم على هذه الحقيقة، وكرهوا ـ عن تجاهل لا عن جهل ـ أن يذكروها بله أن ينشروها: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) البقرة 146. ولم ذلك الكتمان ؟ حفيظة ذوي النفوس الدنيئة عندما تلمح دلائل العظمة والمجد قد ساقتها الأقدار إلى إنسان. هو الحسد.. ولست أعرف منظراً أشوه ولا أقبح من كاهن أو واعظ يتحدث عن الله بلسانه، ومن وراء أرديته الفضفاضة، ووظيفته الدينية، نفس ترتع فيها جراثيم الأنانية الصغيرة والتطلع الخسيس. (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) البقرة 109. (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيما) النساء 54. (بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده)البقرة 90. والغريب أن الأحبار والرهبان مضوا في معركة الحقد ـ لا الحق ـ إلى نهاية الشوط. فأّلبوا أتباعهم ضد الدين الجديد ونبيه، وأشاعوا حوله قوالة السوء، وأثاروا بموقفهم حروباً طاحنة ما كان أغنى الدنيا عنها لو تطهرت النفوس من هذه الغيرة الشخصية السيئة. وأظن أن الله اختار نبيه الأخير من الأميين اختصاراً للمتاعب التي تنشأ لو أنه اختير من آباء الكنيسة. وهذا كلام أقوله بعد ما بلوت العمل في البيئات الدينية بضع عشرة سنة. فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم واحداً من أولئك المحترفين ثم اصطفته العناية من بينهم ليؤدي رسالة الصلاح والإصلاح، لقال كاردينال عجوز: أنا أسن منه! ولقال ثان: أنا أسبق منه في الخدمة. ولقال ثالث: إن كان عالماً فليس إداريا وإن كان إدارياً فليس بعالم مثلي. ولقال رابع: إنه يخطئ في إقامة الطقوس. ولاتهمه خامس بكذا، وسادس بكيت! ثم يجتمع عليه المتنافرون، ليشلوا دعوته ويحبطوا رسالته! وقد كان الله قادراً على أن يجعل عيسى واحداً من علماء اليهود، ولكنه ترك بيئتهم تغلي بأحقاد ويتنازعها على الرياسات والمطامع ثم جعل كلامه على لسان طفل، ينطقه الوحي وهو في المهد ـ لعل الكهان الشيوخ يتعظون. و "ديل كارنيجي" يفضح بعض خبايا هذه الغيرة الشخصية بقوله: "في سنة 1862 كسب الجنرال، جرانت، لجيوش الشمال ـ في الحرب الأهلية الأمريكية ـ معركة حاسمة. وبهذا غدا معبود الجماهير في يوم وليلة، وتجاوبت أصداء هذا النصر في أوربا نفسها". ولم تكد تمضي ستة أسابيع على هذا الفوز الحاسم حتى قبض على " جرانت " وانتزع جيشه منه. وبكى القائد المقهور من فرط الإذلال واليأس، كما يبكي الطفل، لكن لماذا قبض عليه؟ لأنه أثار حسد رؤسائه، وأهاج غيرتهم.. إن النجاة من ظلمات الحياة، ومظالم الناس وأحقادهم ليست بالأمر السهل. لابد لها من أضواء يبعثها رب الفلق الذي يستطيع وحده أن يمحو آية الليل بآية النهار. وقد أمرنا الله أن نستعيذ به من شرور الحاسدين، كما نستعيذ به من شر الليل الغاسق، ومن صنوف الأذى كلها سواء حملتها هامة، أو دابة أو إنسان: (قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد). هذه الاستعاذة ضرورة، فالذين رزقوا من النعم المادية، أو الأدبية ما نغري الآخرين بتنقصهم، وسد منافذ الحياة والارتقاء أمامهم، أحوج الناس إلى تأييد الله لهم، كي يؤدوا رسالتهم ويبرزوا مواهبهم. ومع أن أنبياء الله أكبر من أن يفقدوا ثقتهم بأنفسهم أمام سيل التكذيب والاتهام الذي يرميهم به الحاسدون والكافرون، فإنهم احتاجوا في كل لحظة إلى معونة الله وتثبيته، حتى لا يؤثر استخفاف أو تحقير: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) الروم 60. (وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) هود 38،39 . |
||||
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الموسوعة الطبية للامراض وملفات شامله عن بعض الامراض وطرق علاجها | فيصل العنزي | الأسرة والمجتمع / Community & Family | 4 | 09-24-2013 05:16 AM |
موسوعة للحوامل تسهيل وتخفيف الآم الولاده | copy and past | الأسرة والمجتمع / Community & Family | 2 | 10-13-2008 06:18 PM |
افحـص إسـلامك مجّانا | عابر سبيل | الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام | 8 | 02-15-2006 10:11 AM |