|
للإتصال بالإدارة عند حدوث أي مشكلة أو إبداء رأي
الإهداءات |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-31-2008, 05:01 PM | #1 | ||||
|
هــل الأطفال طـــيور فـــي الجنــةــ؟
الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــؤال
السؤال سمعت أن هناك حديثاً يقول: بأن الطفل إذا مات دون السنتين، أو دون سن البلوغ يكون في الجنة طيراً، فهل هذا صحيح ؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد : أجمع أهل السنة والجماعة من علماء هذه الأمة أن أطفال المسلمين الذين ماتوا قبل البلوغ أنهم جميعهم في الجنة، هذا ما لا خلاف فيه، وقد دل على ذلك صراحة أحاديث صحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، منها : حديث أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في أطفال المسلمين أنه قال عنهم : " صغارهم دعاميص الجنة" يتلقى أحدهم أبه، أو قال : أبويه فيأخذ بثوبه، كما آخذ أنا بِصَنِفَةِ ثوبك هذا، فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة " أخرجه مسلم في صحيحه ( رقم 2635)، والدعموص : دُويبة لا تُفارق الماء، والمقصود أن أطفال المسلمين في الجنة لا يُفارقونها، والصَّنِفَة : طرف الثوب، وفي حديث قُرة بن إياس – رضي لله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لأحد الصحابة لما توفي ابنه : " أما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عنده يسعى يفتح لك ؟! " فقال رجل: أله خاصة أو لكُلَّنا ؟ قال – صلى الله عليه وسلم - : " بل لكلكم " أخرجه النسائي في (المجتبى رقم 2088،1870)، وابن حبان في صحيحه ( رقم 2947)، والحاكم وصححه ( 1/384)، فدل هذان الحديثان وغيرهما أن أطفال المسلمين في الجنة، ولذلك أجمع علماء الأمة على ذلك . أما أنهم يكونون من طيور الجنة، فلم أجده إلا في حديث عائشة – رضي الله عنها- فقد أخرج الإمام مسلم (رقم 2662) من طريق طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: "دعي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى جنازة صبي من الأنصار.فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه. قال: "أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم" وأخرج هذا الوجه الإمام أحمد (6/41، 208) وأبو داود (رقم 4680)، والنسائي في المجتبى (رقم 1947)، وابن ماجة (رقم 82)، وابن حبان في صحيحه (رقم 6173). وقد حكم الإمام أحمد بتفرُّد طلحة بن يحيى بهذا الحديث، حيث قال في العلل (138) "طلحة بن يحيى أحب إلي من بُريد بن أبي بردة، بُريد يروي أحاديث مناكير، وطلحة حدَّث بحديث عصفور من عصافير الجنة" (قال عبد الله بن أحمد)حدثني أبي قال: حدثنا ابن فضيل عن العلاء أو حبيب بن أبي عَمر، قال أبي: وما أراه سمعه إلا من طلحة يعني ابن فضيل" . ولذلك أورد العقيلي هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة طلحة بن يحيى، ثم قال (2/615 – 616): " آخر الحديث فيه رواية من حديث الناس بأسانيد جياد، وأوله لا يُحفَظ إلا من هذا الوجه". وتعقَّب ابن عبد البر هذا الحديث في التمهيد (6/350 – 351) بقوله: "وهذا الحديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الآثار والإجماع، وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به، وهذا الحديث مما انفرد به، فلا يُعَرّج عليه"، وقال في موطن آخر من التمهيد (18/90): "حديث ضعيف، انفرد به طلحة بن يحيى، فأنكروه عليه، وضعَّفوه من أجله". وقد صَرَّح الإمام أحمد بتضعيف هذا الحديث، كما في كتاب الجامع للخلاَّل، كتاب أهل الملل (1/67 – 68 رقم 16) وعنه ابن قدامة في منتخب علل الخلاَّل (53، رقم 10)، وابن قيم الجوزية في أحكام أهل الذمة (2/612 – 613) فقد روى الخلاَّل عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، أن الإمام أحمد ذكر له حديث عائشة – رضي الله عنها – هذا في أطفال المسلمين، فقال: "هذا حديث ضعيف، وذكر فيه رجلاً ضعَّفه، هو طلحة. وسمعته يقول غير مرة وأحدٌ يشك أنهم في الجنة؟! ثم أملى علينا الأحاديث فيه وسمعته يقول هو يرجى لأبويه، كيف يُشَكُّ فيه؟!!" وعلى هذا: فتضعيف الحديث قائم على أن طلحة بن يحيى تفرَّد بالحديث، وأن مثله - في ضبطه وإتقانه – لا يحتمل التفرُّد بمثل ما تفرَّد به، ومن رجع إلى ترجمة طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبد الله التيمي سيترجح لديه أنه خفيف الضبط، فانظر تهذيب التهذيب (5/27 – 28) ومثله ما أقل ما يقبل منه التفرُّد خاصة إذا تفرَّد بأصل، وبالأخص إذا كان ما تفرَّد به يخالف النصوص الثابتة والثابت من الدين، بل لقد أطلق ابن عبد البر القول في مفاريد طلحة بن يحيى، ونقل الإجماع على ذلك، عندما قال في التمهيد (12/79): "ما انفرد به ليس بحجة عند جميعهم لضعفه" . لكن يعارض ذلك كله أن طلحة بن يحيى متابع (في الظاهر) متابعتين : الأولى: ما أخرجه مسلم (2662) من طريق العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: توفَّى صبي، فقلت طوبى له، عصفور من - عصافير الجنة -، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:"أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً" . وأخرجه ابن حبان في صحيحه (138)، والطبراني في الأوسط (4512)، وقال عقبة: "لم يرو هذا الحديث عن الفضيل بن عمرو إلا العلاء بن المسيب" وهذه المتابعة ظاهرها الصحة، وقد قدمها الإمام مسلم في صحيحه على رواية طلحة بن يحيى. وللعلماء والباحثين تجاهها ثلاثة مواقف: الأول: قبولها وتصحيحها، باعتبارها متابعة لحديث طلحة بن يحيى. وهذا هو ظاهر موقف ابن حبان (بلا خلاف أعلمه)، وهو ظاهر موقف مسلم (على خلافٍ يأتي ذكره). الثاني: تصحيحها وتقديمها على رواية طلحة بن يحيى، وهو ما فسر به أبو معاذ طارق بن عوض الله (محقق منتخب علل الخلال) تصرُّف مسلم، من تقديمه لرواية العلاء بن المسيب على رواية طلحة بن يحيى، مبتنياً حسب نظره الفرق في المعنى بين الروايتين، وأن رواية العلاء بن المسيب ليس فيها استدراك من النبي – صلى الله عليه وسلم - على عائشة، أي: ليس فيها ما قد يتمسك به من أن أولاد المسلمين متوقف فيهم، أو أن دخولهم النار محتمل. وعليه فليس في رواية العلاء بن المسيب النكارة التي في رواية طلحة بن يحيى. الثالث: توهيم العلاء بن المسيب في ذكره لهذه المتابعة، اعتماداً على انفراده بها، كما نصَّ الطبراني عليه (أي على انفراده ) ولعل هذا هو موقف الإمام أحمد، الذي سبق وأن ذكرنا كلامه في (العلل)، وأنه ذكر رواية محمد بن فضيل بن غزوان عن العلاء (وهو ابن المسيب) أو عن حبيب بن أبي عمرة (وهو ممن روى عن عائشة بنت طلحة)، ورأى أن هذا الحديث مرجعه إلى حديث طلحة بن يحيى. ولعل هذا هو موقف ابن عبد البر أيضاً، فإنه مع جزمه بتفرُّد طلحة بن يحيى، ومع حكمه القاطع بضعف الحديث وردَّه في موطنين من (التمهيد) - كما سبق - إلا أنه عاد ليقول التمهيد (18/106)، في سياق ذكره لِحُجَج من تَوقَفَ في أطفال المسلمين : "وزعم قوم أن طلحة بن يحيى انفرد بهذا الحديث، وليس كما زعموا، وقد رواه فضيل بن عمرو ..." ثم أورده، والذي يدل على عدم اعتداده بهذه المتابعة تضعيفه الصريح وحكمه الواضح على رواية طلحة بن يحيى - كما سبق -، مع ترجيحه الأخير في هذه المسألة أيضاً (كما تراه في التمهيد) ويشهد لذلك قوله في الاستذكار (8/393 رقم 12066): "وهو حديث رواه طلحة بن يحيى وفضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة، وليس ممن يعتمد عليه عند بعض أهل الحديث" ويشهد لذلك أيضاً ما نقله ابن قيم الجوزية عن ابن عبد البر في أحكام أهل الذمة (2/612)، حيث قال: "أما حديث عائشة – رضي الله عنها -، وإن كان مسلم رواه في صحيحه، فقد ضعَّفه الإمام أحمد وغيره، وذكر ابن عبد البر علته، بأن طلحة بن يحيى انفرد به عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، وطلحة ضعيف، وقد قيل إن فضيل بن عمرو رواه عن عائشة بنت طلحة، كما رواه طلحة بن يحيى سواء هذا كلامه". والمتابعة الثانية: ما أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (رقم 1679)، عن قيس بن الربيع، عن يحيى بن إسحاق ، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة – رضي الله عنها - وقد تعقب هذا الإسناد محقق مسند الطيالسي، د.محمد التركي قائلاً: "في إسناد المصنف قيس بن الربيع، وهو ضعيف ويحيى بن إسحاق: لم أعرفه، وقد يكون مقلوباً من إسحاق بن يحيى بن طلحة". قلت: بل أحسبه مقلوباً عن طلحة بن يحيى!!. وخلاصة القول: أن الحديث مختلف فيه هذا الاختلاف الطويل، وثمرة الخلاف في قريبة! فمن صحَّح الحديث وجهه بما لا يخالف الصحيح الثابت في أولاد المسلمين، ومن قبل إحدى روايتيه قبلها؛ لأنها لا تخالف الصحيح الثابت فيهم أيضاً، ومن ردَّ الحديث وماله من متابعة ردِّه لمخالفته الظاهرة للصحيح الثابت كذلك، مع ما لاح له من علة صناعية فيه. والذي يترجح عندي إعلال الحديث. أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. |
||||
|
|