ولدتُ يوم عرفـة

[شوووق]

ولدت يوم عرفة
للشيخ// هاني حلمي

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وبعد..
فإني أسأل الله تعالى أن يجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوما, وأن يجعل التفرق من بعده تفرقاً معصوما, وأن لا يجعل مننا ولا بيننا ولا حولنا شقياً ولا محروما.
(رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)) الكهف 10.

قال: "أنا لا أعرف لي اسم, أنا ولدت اليوم من جديد".
هذه كانت كلمة قالها عم حربي, هل تعلمون قصته؟ قال: أنا أب لخمسة أولاد. كنت أعمل سائق على سيارة نقل, وكعادة السائقين يأخذون أشياء لكي يستطيعون السهر والقيادة .. وأنتم تعلمون مثل هذه الأشياء. اجتمعت عليه شلة الأنس وقالوا له: خذ هذا المخدر ولا تخاف, بالعكس سيزيدك نشاط وحيوية.
يقول: وكانت هذه البداية, واستمرت عشرين سنة وأنا مدمن للمخدرات. حياتي دُمرت, كنت أضرب زوجتي أمام أولادي, تحولت لإنسان بلا روح وبلا إحساس. زوجتي فعلت معي المستحيل لكي أترك المخدرات.. لكن لم يكن ممكناً.
وظل يبكي حتى جاء بباله هذا المشهد.
قال: أنا لا أستطيع أن أنسى يوم كنت جالساً وعندنا مجموعة من الضيوف من الجيران, ودخل عليَّ ابن من أولادي وقال لي: أنت نسيت تأخذ اليوم, وطلع قطعة (حشيش).
في هذه اللحظة جلست مع نفسي وأحسست بذل المعصية. بعد ذهاب الضيوف دخل ولد من أولادي وبنت من بناتي, وقالوا لي: إلى متى ستظل عايش في هذا الضياع يا أبي؟
كلامهم قطع فيَّ, لكن .. أنا على هذا الحال من عشرين عاماً, صعب جداً أن أتغير. بدأت أحاول.. اجتمعت بأناس من أهل الخير, قالوا لي: لا تيأس, اطلع معنا هذا العام الحج, وقد كان.
كان يحكي وهو واقف على جبل الرحمة يوم عرفة, وهو يحس أن السموم التي كانت في جسده .. -لا, السموم التي كانت على قلبه- كل ذلك انزاح, كل ذلك طهر منه.
لذلك قال: والله أنا اليوم شخص آخر, أنا أحس أنني حقيقة ولدت يوم عرفة.

وأنا وأنت اليوم نحتاج أن نولد ولادة جديدة يوم العتق الأكبر.. يوم عرفة.
لماذا لا يحدث؟ ولماذا هذا العام لا يكون شعار يوم عرفة .. سأولد من جديد.
كلنا.. المتدين, والذي سار في الطريق, والذي ما زال في البداية, والذي يشاور عقله. كلنا نحتاج أن نولد من جديد.
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني, وصححه الألباني, قال: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب..)
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1590

خلاصة حكم المحدث: صحيح

يخلق: أي يبلى, لم يعد ينفع, القلب مرض من كثرة المحاولات التي لم يحالفها التوفيق والصواب. فنحتاج قلب جديد وحياة جديدة, نحتاج أن نفتح أعيننا فنحس بمعاني, كما كنا في البداية عندما أخذنا قرار التوبة, أو مثل ما تحب أن تصبح حقاً الإنسان الملتزم الذي يصلح أن يحب الله, الذي يصلح أن يقترب قلبه من الله
نعم أنا ولدت من جديد.. والله الذي لا إله غيره كل الأسباب مهيأة لك, ولا يوجد أسهل من ذلك, لا تضيع هذه الفرصة من يدك.
هذه المرة 12 ساعة صيام في 24 شهر تكفر سنتين, 12 ساعة تصومهم صح, وتعاهد ربنا أنك تصبح شخص آخر, ليس فقط أنك ستعمل في هذا اليوم وبعد ذلك هتكبر -أقصد تكبيرات العيد- , لا.. ليس هذا هو المعنى, المعنى أنك تحاول مع نفسك ولا تجد الإرادة, ولا تجد الأسباب المساعدة. هنا الأسباب كلها متوفرة. انظر كيف هي الفرصة ثمينة إلى أبعد ما يكون.
حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة -والله ليس لأهل الموقف فقط, الكلام عام-
وإنه ليدنو عز وجل - يصبح قريب منك جداً جداً في هذا اليوم العظيم-
ثم يباهي بهم الملائكة فيقول –خذ بالك من المفتاح-
:ما أراد هؤلاء؟..)
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 2458
خلاصة حكم المحدث: صحيح


ماذا أردت؟ ما هي نيتك؟ ما هدفك؟ المفتاح سيكون إخلاص, المفتاح سيكون صدق, المفتاح سيكون نية صادقة لوجه الله الكريم.
وروى الإمام أحمد وصححه الألباني عن بن عمر, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة ، يقول : انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا)
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1868
خلاصة حكم المحدث: صحيح


المفتاح الثاني: أخرج الدنيا من قلبك.
لو خرجت الدنيا من قلبك وجعلت الهموم هماً واحدا, هم الآخرة, يكفيك الله كل ما أهمك, كل ما يشغل بالك ويقطع بينك وبين ربنا. ما هو الذي يشغل بالك؟ مشاكل البيت, الامتحانات, الزواج, الشغل, الفلوس, من أين ستأتي ببيت, ماذا ستفعل, من أين ستفتح البيت, كيف ستربيهم.. كفـــــــــــــــــــــــاه
(كفاه الله ما أهمه)
(أتوني شعثا غبرا) لم يصبحوا مهتمين بشكل ولا منظر ولا أي شيء.
(جايلك يا سيدي ويا مولاي فاقبلني على ما فيَّ)
فالجائزة عظيمة جداً, الجائزة العتق من النار.
يوم عرفة.. يوم تُجاب فيه الدعوات, تُقال فيه العثرات. يوم عظم الله أمره, ورفع على الأيام قدره. يوم أكمل الله فيه الدين وأتم فيه النعمة. يوم يغفر الله فيه الذنوب, ويُعتق فيه الرقاب من النار, فنسأل الله تعالى أن يُعتق رقابنا من النار.
تُريد أن تُعتق, يبقى قلبك محروق على التوبة (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ) التوبة 110.
قلبك يتقطع, لكي يغفر لك الله, لكي يعفو عنك الله, لكي يستنزل ربنا رحمته عليك.
قلنا فضائل هذا اليوم, عدوا معي لكي نجعل لكل فضيلة عمل.
أول فضيلة: أنه اليوم الذي أتم الله فيه الدين, وكملت علينا النعمة. في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه: (أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم تقرؤونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال : أي آية ؟ قال : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } . قال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو قائم بعرفة يوم جمعة)
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 45
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


يقول له: لو هذه الآية نزلت علينا كنا عملنا فرح, كنا عملنا عيد, وهو عيدنا, وبنص الحديث يوم عرفة عيد, إحنا العيد من أول يوم النحر وبعد ذلك أيام التشريق, لا.. والله يوم عرفة من أيام العيد بنص الحديث, روى أبي داوود والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب)
الراوي: عقبة بن عامر الجهني المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 773
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح





هذا عيد, إذن الواجب العملي طالما أنه عيد, وطالما أن الله أكمل علينا فيه الدين وأتم علينا فيه النعمة, يُصبح علينا عبوديتين,
العبودية الأولى: الشكر.
العبودية الثانية: الفرح, تبقى فرحان, تفرح بماذا؟ برحمة ربنا, فرحان أن ربنا بلغك هذا اليوم, أن تشهد هذا اليوم, يوم العتق الأكبر في حياتك, لو بُلغته هذه من أبلغ وأعظم النعم. وعندما تصبح فرحان يُسكب في القلب حب الرحمن, أنت فرحان برحمته, مستشعر المنازل والرحمات و.. و.. , أنا لا أستحق كل هذا يا رب, اللهم لك الحمد, فلما تحمده تجد بردها في قلبك, تجد قلبك يزغرد, يــــــــــــــــــــــــــــاه .. اللهم لك الحمد, اللهم لك الحمد, اللهم لك الحمد.
ولا تستطيع أن تخرج منها, تريد أن تقول أي شيء آخر .. اللهم لك الحمد.
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفا بها نعمة, الحمد لله على لا إله إلا الله, (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ) الإسراء 111.
والله أكبر كبيرا, كبر, وسنقول الآن أيضاً لماذا التكبير؟ لأنه سيأتي معانا يوم عظيم فلابد أن تُعظم به ربك, وهو يوم فيه نعمة عظيمة فتحتاج تشكر فيها ربنا, يا سلام لو القلب غرست فيه هذه المعاني, يطهر من جوه خالص, ينظف خالص, لأنه لو دخله حب الرحمن لا يكون معه أي شيء آخر.
إذن عملي محتاجين يكون هناك جزء من الوقت للحمد والشكر والثناء على الله سبحانه وتعالى. وبالذات أن هذا اليوم من الواجبات العملية كثرة الدعاء فيه, أليس كذلك؟ والدعاء من الأسباب التي ترفعه كثرة الثناء على الله. (لا أحصي ثناءاً عليك)
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 486
خلاصة حكم المحدث: صحيح


لا أعرف ماذا أقول, أقول ماذا؟ ولا ماذا؟ ولا ماذا؟
أرى نفسي وأنا مذنب مقصر’ وأنا الجاني العاصي, أنا الذي خالفت أمرك كثيراً جداً, أنا الذي أمرتني فخالفت أمرك, ونهيتني فتجرأت, أنا هذا, وأنت المنعم عليَّ ابتداءاً وانتهاءاً, خيرك لا ينقط عني رغم كل ذنوبي هذه.
يا رب.. لك الحمد, اللهم لك الحمد كله, وإليك يُرجع الأمر كله, يمتليء قلبك بها, يحبها منك جداً, لأن هذه تُسمى عبادة التملق, هي أنت تجلس لا تعرف كيف تثني على ربنا, تجلس تمدح ربك, يحبها منك جداً, هذا هو شأن الحبيب مع حبيبه, جرب وأنت تعرف يعنى ماذا حب الرحمن, هذا أول شيء.
الأمر الثاني: أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم, عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم , عليه السلام , بنعمان يوم عرفة , فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه , ثم كلمهم قبلا , قال : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا ..} إلى قوله : (الْمُبْطِلُونَ))
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 2/73
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]
هذا الحديث رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.


ما هذه الحكاية؟ هي الفطرة التي فطر كل منا عليها, هل يتذكر أحد ونحن في عالم الذر وكل واحد مننا قال: بلى, هذه هي الفطرة التي قال فيها النبي: (كل مولود يولد على الفطرة –كل واحد يولد على فطرة التوحيد-
، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه)
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1385
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
في الأول مولود صافي, مولود قلبك عامر بمعنى التوحيد, قلبك فيه لا إله إلا الله, كل الخلق كذلك, ثم يحدث التلويث بسبب البيئة والتنشئة و.. و.. و..
إذاً نحن ولدنا هكذا مسلمين, وربنا جمع لنا المنتين: منة الفطرة, ومنة البيئة, الحمد لله على نعمة الإسلام ولا لأ؟
نحن قلنا عندما كنا نتحدث في أنا أعشق الإسلام أنه للأسف الشديد الكلمة على اللسان, لكن وزنها ليس في القلب بالشكل المطلوب, أنت حاسس هذا الإسلام عظيم جداً, وأنك من غيره تضيع, لو تحسها بجد ستحتاج أنك عندما تعلم أن هذا اليوم اللي ربنا سبحانه وتعالى جعل فطرتك فيه الفطرة السليمة التي تهتدي إلى الحق وإلى طريقه وإلى الصراط المستقيم, ستحتاج منك شكر النعمة جداً, وتحتاج أن تحمده جداً.هذا هو الأمر الثاني.
الأمر الثالث أنه يوم عظيم, أقسم الله به في القرءان مرتين: أول قسم أقسم الله عز وجل به في سورة البروج, ونريد أن نقف على كل موضع آية لكي نطلع منها فائدة.
ماذا قال ربنا؟ ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)) البروج.
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) البروج معناها الكواكب والنجوم, يعطى في النجوم معنى اللمعان, النور, الإضاءة, والعلو, أليس كذلك؟ السماء فيها معنى إيه؟ عندما يقسم بها ربنا على أنها شيء عظيم جداً, ماذا فيها؟ لماذا لم يقل (والسماء) فقط أو كما قال: ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)) الطارق؟ لا هنا قال: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) التي بها كواكب منيرة ساطعة, الدنيا هكذا فيها ماذا؟ إضاءة, في نور..كويس.
(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2)): يوم القيامة., روى الترمذي وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود يوم القيامة،
-ثم قال: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3))-
واليوم المشهود يوم عرفة ، والشاهد يوم الجمعة..)
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 8201
خلاصة حكم المحدث: صحيح


تمام؟ ما الرابط ما بين الأربعة؟
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) نور وإضاءة وعلو, يقسم أن هذا حدث, كما تقول بالمعنى: والله والله والله قتل أصحاب الأخدود.
لكن الله يُقسم بما يشاء من كونه وخلقه, فهو يقسم بالسماء, ويقسم بيوم القيامة, ويقسم بيوم الجمعة, ويقسم بيوم عرفة أن أصحاب الأخدود قتِّلوا, هل هناك من أحد يعرف أن يربط؟ ما الرابط ما بين هذا المعنى؟
انظر.. العلو, والرفعة, النور, أليس هناك أناس يمرون على الصراط كالكوكب الدري؟ من هؤلاء؟ هؤلاء أهل الدرجات العلى, هؤلاء أهل السماء, أهل العلو, إذا يوم القيامة هم هؤلاء. ماذا فعلوا؟ بعدها أقسم بهاذين الاثنين, لأن هؤلاء أعظم أيام الأسبوع وأعظم يوم في السنة, أعظم يوم في الأسبوع يوم الجمعة, وأعظم يوم يُكفر فيه لك يوم الجمعة, والمشهود يوم عرفة الذي هو يوم العتق الأكبر.
كيف تصل لهذه القصة؟ (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)) نحتاج بذل, نحتاج تضحية.
هل فُهمت المعادلة, أم نعيدها ثانية؟ تريد أن تصل للرفعة, تريد أن تكون من أهل النور السابغ يوم القيامة؟ المسألة تحتاج أن: أول شيء تعظم هذه الأيام المعظمات.
قالوا: العظيم لا يُقسم إلا بعظيم
ربنا عظيم, فلا يقسم بأي شيء إلا عندما يكون عظيماً جداً, لذلك هي أيام عظيمة فعظمها, فحافظ على نفسك فيها جداً, واعمل لها ألف حساب جداً, يوم الجمعة في الأسبوع, ويوم عرفة.
(وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)) ولن تؤتى ذلك إلا بالبذل والتضحية لتمثلوا قصة أصحاب الأخدود, الناس قُتِّلوا, الناس حُرقوا, رُموا بالمجانيق في النار وما صدهم ذلك عن دينهم. إذا تحتاج أن تضحي. فهل ترى بماذا ستضحي؟ هل ستضحي بدنيا؟ ستضحي بوقت؟ بماذا ستضحي؟ ما الشيء الذي عندك استعداد أن تبيعه؟ نفسك؟ الله اشترى, فهل أنت بائع؟
(فبائع نفسه فمعتقها)
الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 7/51
خلاصة حكم المحدث: صحيح


الذي سيبيع هو الذي سيُعتق يوم العتق الأكبر.
محتاج عملي تتصدق بصدقة كبيرة. محتاج عملي هذا اليوم من الفجر إلى المغرب لا تنام, محتاج في هذا اليوم تمسك مصحفك وتجلس عليه وتستطيع أن تحصل ختمة والله, لو أنك جالس لا تتحرك ولا تفعل شيء, وقائم للصلوات ودعاء وذكر وكذا, ليس ختمة, نصف ختمة, 10 أجزاء, اقرأ قراءة كثير أعني بحيث أن تكون جالساً لا تفعل شيء آخر, لا تلتفت وتقول هذه الليلة ماذا سنفعل؟ والليلة عيد, وسنضبط , وسنفعل..لا خلينا الآن بس, هذا يوم العتق الأكبر.. بس يعتقني من النار.. بس يغفر لي.
ماذا أفعل؟ أريد أن أفعل أعمال كبيرة في هذا اليوم, أنا على الاستعداد أن أفعل أي شيء, أضحي بأي شيء بس يعتقني من النار.
هذا الاستعداد النفسي فقط, هذا ما أريده يوم العتق الأكبر, هذا أول شاهد (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) تمام؟
أين الثانية؟ الثانية في قول الله تعالى: ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)) الفجر.
قال بن عباس: (الشفع يوم النحر – أي يوم 10 يوم العيد-
والوتر يوم عرفة)
الراوي: - المحدث: الشوكاني - المصدر: فتح القدير - الصفحة أو الرقم: 5/628
خلاصة حكم المحدث: [له] طرق


إذاً الله أقسم بالوتر الذي هو يوم عرفة, وهذا كلام بن عباس (اللهم علمه التأويل)
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 8/299
خلاصة حكم المحدث: ثابت


ترجمان القرءان.
نريد أن نقف عليها أيضا. الفجر هو وقت اندلاج النور, وقت انفجار النور, أول ما يطلع النور, ألم أقل لك أن يوم عرفة سيكون يوم ميلادك الجديد؟
أنا ولدت من جديد كما يولد الفجر في ظل الظلمة الشديدة, فيطلع أول نور نور الفجر.
(وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)) كأن البداية تكون هنا, الليالي العشر أعظم أيام الدهر, يقسم الله بلياليها ويعظم أيامها –أيام العشر من ذي الحجة-, فعندما تعظم الآن شأن يوم عرفة وتحاسب على نفسك جداً يمكن أن يأتي نور الفجر, ويمكن أن تولد من جديد, لذلك أقسم الله جل وعلا بها.
الأمر الثالث كان ماذا؟ هذا يوم عظيم أقسم الله العظيم به, ماذا حقه؟ فعظم فيه ربك. لذلك شُرع التكبير في هذه الأيام وخاصة من فجر يوم عرفة. نحن عندنا تكبير مطلق يبدأ من أول أيام العشر, تكبر وأنت تمشي كما تريد, وأنت تركب السيارة, وأنت تركب المواصلات, وأنت ذاهب وأنت ماشي كبر. سنة والله مهجورة, سنة مهجورة بنص الحديث في البخاري. ذكر البخاري رحمه الله تعالى عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم , (أنهم كانوا يقولون في أيام العشر : الله أكبر الله أكبر الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر الله أكبر , ولله الحمد)
جميل.. كانوا يكبرون أيام العشر. ويكون عندنا بعد ذلك تكبير مقيد يبدأ من فجر يوم عرفة دبر الصلوات, لماذا؟ لأنه يوم عظيم, عظم فيه ربك, كبر فيه ربك.
(وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ) البقرة 185.
هدانا لأعظم منة وأعظم فضل, هدانا إلى يوم عرفة يوم العتق الأكبر. التكبير يفعل هذا.. الله أكبر.. الله أعظم من كل شيء.. الله أكبر من شهواتي.. الله أكبر من ملذاتي, الله أكبر من الدنيا, الله أكبر من زوجتي, الله أكبر من أولادي, الله أكبر من أبي من أمي.. الله أكبر.
القلب يسمع فتصل له الرسالة فيعظم ربه, فبعد ذلك يسمع (الله أكبر.. حي على الصلاة) يُكبر ربه. ليست الصلاة فقط, كل أمر من أوامر الشرع الله أكبر.
ولله الحمد .. ألم نقل شكر النعمة والتعظيم, هم هؤلاء, هذه هي رسالة يوم العتق الأكبر.


الأمر الرابع المعروف: أنه صيامه يكفر –كما قلنا- سنتين. الحديث رواه الإمام مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية)
الراوي: أبو قتادة الأنصاري الحارث بن ربعي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1162
خلاصة حكم المحدث: صحيح


يكفر سنتين, الفائتة والقادمة, بن القيم يورد شيء ظريف , يقول في الزاد: أن هناك رجل جاء وقال له: أنا صمت يوم عرفة, وصمت أيضاً يوم عاشوراء, وبذلك نكون أكدنا على السنة, إذا السنة بذلك مضبطة مرتين, فلماذا تكبرون الموضوع؟ القصة كلها يوم عرفة وعاشوراء, واعمل ما تريد بعد ذلك يا حاج, خلاص ما أنت هتكون حاج حقاً.
قال: فهذا من لم يعرف شيئاً عن الله لأنه رتب الجزاء على العمل دون نظر
قال خلاص ستكفر, وبذلك خلاص كُفرت, وخذ صك الأمان وضبط نفسه, من قال أنها قبلت؟ كيف؟ ستكون لا لم أفعل أي شيء في هذا اليوم, أنا جالس قافل خالص.

م/ن

دمع! معجب بهذا

[عَبقْ]

*

جَزآكِ الله خير
وجعلها في موآزين حسنآتِك .