إذا فيه مشاكل في دخول الملتقى راسلوا الإدارة من خلال قسم مجلس الزوار

العودة   ملتقى مدينة العيون > قسم الملتقيات العامة > الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام
التسجيل التعليمات التقويم مشاركات اليوم البحث

الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام أبُحآر َقِلمَ عُبُر حرٍف ومقِآل

للإتصال بالإدارة عند حدوث أي مشكلة أو إبداء رأي

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-13-2006, 11:52 PM   #1

أبو محمد
عيوني ماسي
 
الصورة الرمزية أبو محمد

رقَمْ آلع’َـضويـہ: 601
التسِجيلٌ : Sep 2005
مشَارَڪاتْي : 4,138
 نُقآطِيْ » أبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond reputeأبو محمد has a reputation beyond repute
افتراضي الشريط الإسلامي ما له و ما عليه - للشيخ / سلمان العودة ( محاضرة مفرغة )


بسم الله الرحمن الرحيم

الشريط الإسلامي ما له و ما عليه .
1 / 6 / 1411 هـ .

الدرس 34

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نتوب إليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، الذي دعا إلى خير منهج وأقوم سبيل وجاهد في الله تعالى حتى جاءه اليقين من ربه، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته .. أما بعد ،
فيا أيها الأحبة ، عنوان هذا الدرس الشريط الإسلامي ما له و ما عليه ، و سأتحدث عن هذا الموضوع الكبير المهم في عدة نقاط ، أبدأها بالكلام عن أسباب طرح هذا الموضوع ، ثم أذكر ميزات الشريط الإسلامي و أسباب انتشاره ، ثم المعوقات ، و أنتقل بعد ذلك إلى السلبيات و المآخذ ، و أنتهي إلى المقترحات و أخيرا وقفة مع يوميات .

**************************************
أولاً / أسباب الحديث عن هذا الموضوع :
لعل الأسباب ظاهرة في ذهن كل امرئ منكم فإن ثمة أسباب كثيرة تدعو إلى طرح هذا الموضوع ، منها :

1) الهجوم على الشريط الإسلامي ، فإننا منذ زمن ليس بالبعيد بدأنا نسمع هجوماً ضارياً على الأشرطة الإسلامية ، و على ما يسمى بالكاسيت و تجارة الكاسيت عبر أجهزة كثيرة ، منها الصحافة التي سخرت أقلام عدد من كتابها لطرق مثل هذه المعلومات و الحديث عنها بطريقة أو بأخرى .

2) انتشار الشريط والحاجة إلى ترشيده فإن الأشرطة اليوم أصبحت هي أوسع وسائل الدعوة انتشاراً ، ولا يكاد يوجد إنسان إلا ويكون لديه مجموعة من الأشرطة ، قلت أو كثرت، ولا بد أن يكون استمع إلى شريط ما مهما كان مستواه من حيث السن أو العلم أو العمل أو الوظيفة، أو نوعية الثقافة أو ما أشبه ذلك .

3) أهمية التعاون بين العلماء و الدعاة و بين القائمين على محلات التسجيلات و كذلك بين الرواد الذين يقتنون هذه الأشرطة و يسمعونها ، في اختيار الموضوعات المهمة مثلا ، و التعاون في توفير المادة التي يحتاج إلى طرقها ، و تصحيح ما قد يحدث من أخطاء أو ملاحظات مما لا بد للبشر أن يقع فيه .

**************************************

ثانياً / ميزات الشريط الإسلامي :
لا شك أن للشريط الإسلامي ميزات كبيرة ، منها :
1) سهولة الاستفادة منه ، فإن الإنسان يستطيع أن يستمع إلى الشريط و هو قائم أو قاعد أو نائم أو ماشي في سيارته و بكل وضع و بكل حال ، و لذلك فإن الاستفادة من الشريط أصبحت كبيرة .

2) سرعة الانتشار، يكفي مثلا أن تعلم أنه في محلات التسجيل الإسلامية يوجد عندهم من الأشرطة المتداولة أكثر من 9500 شريط ، يباع من هذه الأشرطة شهرياً ، ما يزيد على 60 ألف شريط ، ويكفي أن تعلم أن هناك شريطاً واحداً - و هو شريط هادم اللذات - بيع منه في محل واحد أيضا أكثر من 30 ألف نسخة ، و في المملكة كلها ربما بيع منه ما يربو على 200 ألف نسخة ، و هذا رقم قياسي في سرعة الانتشار و كثرته .

و أيضا محلات التسجيل الإسلامية أصبحت هي الأخرى و لله الحمد في ازدياد ، ففي الرياض مثلاً يوجد ما بين 60 - 70 محلا للتسجيل ، بل ربما تزيد على ذلك ، و في القصيم يبلغ عدد محلات التسجيلات ما يقارب 30 ، و لا تستغرب هذا الرقم أو تعتبر أن كبير ، لا ، هو رقم متواضع ، لكنه بالقياس إلى الواقع يعتبر رقماً جيداً ، و إلا فلو قارنته مثلا بمحلات التسجيل الأخرى ، تسجيلات الغناء ، لوجدت أن عدد محلات الغناء حسب بعض المصادر يزيد على 350 محلاً . و هذا بلا شك رقم كبير و لكنها و لله الحمد آخذة في التناقص و الانتهاء ، فقد أغلق كثير منها لأسباب مختلفة ، و بيع كثير منها و حول عدد منها أيضاً إلى محلات تسجيلات للمواد و الأشرطة الإسلامية ، و هذه نعمة عظيمة من نعم الله عز و جل .

3) أن الشريط الإسلامي يغطي كافة الطبقات من المجتمع ، فالرجل الكبير في السن يجد ما يناسبه ، و المرأة كذلك ، بل الأمي الذي لا يقرأ و لا يكتب يستطيع أن يستمع إلى الشريط و ينتفع به ، و أذكر أنني أدخل أحياناً على نساء مسنات أميات ، فأجد أن لدى الواحدة منهن أشرطة لبعض العلماء و المشايخ ، و أشرطة قرآن وحديث و وعظ و غير ذلك ، كما أن الأطفال أيضا يجدون أشرطة تخاطبهم و تربيهم على مواد مفيدة و نافعة .

4) قوة التأثير ، سواء بالصوت و العبارة و الأسلوب و غيره ، فإن الذي يستمع إلى شريط كأنه يستمع إلى شخص يتحدث ، فيستمع إلى العبارات و مخارج الحروف ، بل حتى يستمع إلى العاطفة و كأنه يستمع إلى خفقات قلب المتحدث ، فينفعل و يتأثر معه و يحزن لحزنه و قد يبكي ، لكن الذي يقرأ كتاباً ، هو يقرأ كتاباً أصماً ربما لا يشعر بمدى تأثر المؤلف بما يقول و يكتب ، فهذه ميزة خاصة للشريط ، و لهذا يقول بعضهم : لو فرغت الشريط لتحول إلى مادة أخرى غير مؤثرة ، لكن إذا استمعت إليه كما هو بإلقاء محدثه كان له من الوقع و التأثير الشيء الكبير .

5) التنوع ، فنجد أن في محلات التسجيلات دروس كثيرة ، في العقيدة مثلاً ، سواء في كتب معينة كالعقيدة الواسطية أو الطحاوية أو التدمرية أو غيرها ، و دروس في الفقه و الحديث و التفسير و اللغة و النحو و الأصول ، إلى غير ذلك ، و في فهارس التسجيلات التي صدرت ما يعطي قائمة ببعض ذلك ، فضلاً عن المحاضرات و الندوات و الأمسيات الشعرية و القصائد و الكتب و الإصدارات و المناقشات ، و قبل ذلك أشرطة القرآن الكريم ، سواء لقراء معروفين أم تسجيل من صلاة التراويح و القيام في شهر رمضان لأئمة الحرم ، و أئمة مشهورين من هذه البلاد و من غيرها ، فهي تتميز بالتنوع و تغطية موضوعات شتى و مجالات مختلفة .

**************************************

ثالثاً / أسباب انتشار الشريط :
لانتشار الشريط أو عدم انتشاره أسباب ، منها :

1) سمعة المتحدث ، فإن كثيرا من الناس يقتنون الشريط بالنظر إلى المتحدث أو الملقي ، خاصة إذا كان من العلماء المشهورين من أمثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مثلا ، أو فضيلة الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني ، أو فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، أو أمثالهم من كبار العلماء أو الخطباء المشهورين الذين يتحدثون بقوة و وضوح و قدرة و اهتمام ، فتجد أن كثيراً من الناس يقتنون أشرطة هؤلاء و يتابعونها أولاً بأول ، خاصة إذا كانت تصدر كسلسلة لشرح كتاب أو ما أشبه ذلك .

2) جودة المادة و ارتباطها بحدث معين ، فإن الناس إذا وجدوا مادة قد أجاد فيها من أعدها و اهتم بها و جمع المعلومات الكافية عنها ، فإنهم يقبلون عليها ، و كذلك إذا كانت المادة متعلقة بحدث معين ، كما حدث في أحداث الكويت مثلا ، فقد جر ذلك الناس إلى سماع ما يقوله المتحدثون و العلماء و الخطباء و متابعة ذلك ، و الإقبال على المادة .

3) طرافة الموضوع ، أي العنوان ، فإن الإنسان أحياناً لما يجد إعلاناً في محل التسجيل عن موضوع ما ، يجد في نفسه تطلعا إلى سماع هذا الموضوع و معرفة ماذا قال المتحدث فيه حتى و لو لم يكن يعرف ، هل أجاد أم لم يجد ، لكن الموضوع بحد ذاته جذاب و هذا يدل على أهمية اختيار الموضوعات التي يتحدث عنها الناس .

4) أهمية الدعاية للشريط ، فبعض محلات التسجيلات تتقن فن الدعاية لأشرطة معينة و إبرازها للرواد و هذا لا شك أنه يجعل هناك إقبالاً على الشريط .

5) الأسلوب الذي طرق فيه المتحدث موضوعه ، و طريقة إلقائه له ، مثل الإكثار من القصص و الشواهد من آيات قرآنية و أحاديث نبوية و أحداث تاريخية و أبيات شعرية و ما أشبه ذلك ، فضلا عن الحماس الذي يتميز به المتحدث ، فالأسلوب هو من أقوى الوسائل في إقبال الناس على الأشرطة ، و إذا كان المتحدث يتميز بأسلوب قوي كان ذلك من دواعي متابعة ما يطرح .

6) عناصر التشويق و الإخراج ، فإذا تمكن المتحدث أو تمكنت محلات التسجيل من إخراج شريط ما بإخراج جيد ، بجعل عناصر للتشويق في البداية و قدمت و ختمت ، استطاعت بذلك أن تكسب عدداً آخر من المستمعين إلى هذه المادة أو تلك .
**************************************

رابعاً / معوقات انتشار الشريط :
و هي كثيرة جدا ، و منها :

1) الأعداء الخارجيون الذين يحاولون أن يخوفوا الناس من الشريط و يحملونه ما لا يحتمل ، حتى يصورونه كأنه مادة حارقة قابلة للانفجار كما فعلوا في صورهم و كاريكاتيراتهم و دراساتهم ، بل إنهم يعقدون جلسات في أماكن عليا و في مؤسسات إدارية و سياسية كبرى ليتحدثوا عن الشريط و يحاولوا أن ينفخوا في هذا الأمر ليثيروا مخاوف الآخرين من مثل هذه المادة ، فيترتب على ذلك التخوف من الشريط ، و بالتالي الوقوف في وجهه أو الحيلولة دون انتشاره أو عدم الإذن به أو ترخيصه أو ما أشبه ذلك من العقبات التي تحول دون انتشار الشريط .

2) بعض الصحفيين و العلمانيين الذين يشنون حملات كبيرة على الشريط الإسلامي كما سوف أشير إلى شيء من ذلك فيما بعد .

3) من المعوقات أيضا بعض الأطراف و الجهات التي يتوقف على دورها و موقفها انتشار الشريط و تداوله بين أيدي الناس من عدمه ، إضافة إلى أنها تتحكم و تؤثر في فتح محلات جديدة أو فروع للمحلات أو تحويل محلات أشرطة الأغاني إلى محلات إسلامية من عدم ذلك ، فبقدر ما يكون التجاوب في هذه المجالات يكون انتشار الشريط أو عدم انتشاره .

**************************************

خامساً / إيجابيات الشريط الإسلامي :
هي كثيرة جدا ، و لا أعتقد أننا بحاجة إلى التحدث عن فوائد الشريط و إيجابياته ، فإن هذا مما يعلمه الخاص و العام ، و يكفي لنعلم إيجابيات الشريط أن ندرك هذا السعار العجيب الذي أصاب أعداء الدين و الدعوة من انتشار الشريط الإسلامي ، فإنه ما أصابهم ذلك إلا حين رأوا انتشار الشريط و فاعليته و تأثيره و دخوله كل بيت بل كل عقل و سيارة ، و تأثر الناس به على كافة طوائفهم و طبقاتهم و مستوياتهم العلمية و العمرية و الوظيفية و غيرها ، فالشريط صار كما أسلفت من أقوى و أكثر وسائل الدعوة تأثيراً و انتشاراً و رواجاً ، و كم من إنسان كانت هدايته بتوفيق الله عز و جل ثم بسبب شريط استمع إليه فكان السبب في تغيير مسار حياته من الضلال إلى الهدى و من الظلام إلى النور و من الغواية إلى الرشد و هذه نعمة كبيرة جداً .


**************************************
سادساً / سلبيات تؤخذ على الشريط الإسلامي :
نحن بحمد الله ، أقول عن نفسي و عن غيري من دعاة الإسلام ، نرجو أن نكون ممن يتسع صدره للأخذ و العطاء و المناقشة و التصحيح ، و هذا أمر طبيعي لأن الإسلام عودنا ذلك ، و لهذا لا غرو و لا عيب في أن نلاحظ على أنفسنا و على إخواننا بأمور رجاء التخلص منها ، لكن الذي نعيبه على الجميع دائماً و أبداً هو حملات التشهير و النقد و التجريح و الظلم و التهجن الذي ليس له أساس من العقل و لا من الحكمة و لا من الموضوعية و لا من العدل ، من أناس يدعون مثل ذلك !
من الملاحظات على المتحدثين :
1) يعتري الإلقاء أحيانا شيء من التوسع في العبارة أو العجلة و الذهول ، و لهذا تأتي أهمية المراجعة ، فإن الذي يتكلم ليس كالذي يقرأ من ورقة ، فقد يحصل له سهو أو غفلة أو ورود عبارة لم يرد أن يقولها ، أو توسع في الأسلوب فهمه الناس على غير وجهه و لذلك فإن من المهم جدا أن يكون هناك مراجعة مستمرة .

2) الخطأ من طبيعة الإنسان ، و بسبب سعة انتشار الشريط و كثافة توزيعه كما أشرت إلى بعض الأرقام في ذلك فإن حجم الخطأ يكون أكبر ، فإن الإنسان لو أخطأ في مجلس من عشرة يكون الأمر يسيراً لكنه لو أخطأ في شريط قد يتداوله ألوف بل عشرات الألوف أحيانا فمعنى ذلك أن حجم الخطأ يكبر و يحتاج إلى تصحيح ، لذلك أقول لا بد أن يكون الحل بأحد أمور :
أ) إما أن يكون ما يلقيه الإنسان مكتوباً بحيث يقرأه من ورقة خاصة إذا كان مهماً ، و إما أن يضبط الحديث بعناصر يتدرج بها واحداً بعد آخر .
ب ) التدرب على التريث في الحديث و عدم الاستعجال ، خاصة في المسائل العلمية و العقدية و القضايا الحساسة التي قد يترتب على الخطأ فيها آثار بعيدة .
ج ) المراجعة ، و هو أن كل عالم أو طالب علم لا مانع أن يصدر بين حين و آخر شريط بعنوان المراجعات أو بعنوان آخر يكتب فيه بعض النقاط التي ينبه عليها كما يقع ذلك للعلماء في كل زمان و مكان .

3) و من المآخذ على المتحدث قضية التكرار ، فإن كل شيء أصبح الآن يسجل كما تلاحظون ، حتى إن بعض العلماء إذا قام من بيته إلى المسجد أو السوق يكون معه طلبة علم يسجلون ما يقول و هو في الطريق ، و بناء على ذلك أصبح هناك تكراراً كبيراً في أشياء كثيرة لأن الإنسان ليس لديه وقت للتحضير دائماً ، و لم يعد التسجيل مقصوراً على مجرد محاضرات و دروس يعد لها الإنسان ، بل أصبح يسجل منه كل شيء ، و لذلك أرى أن الحل يتخلص في أحد نقطتين :
أ) إما التجديد و إعطاء المستحقين حقهم بحيث الإنسان يتعب فيما سيقدم للناس ، و يفرغ وقته إعداد هذا الأمر ، فإذا استمع إليه الناس قالوا كم يحترم هذا المحاضر مستمعيه فعلاً !
ب) فإذا لم يستطع ذلك لغلبة المشاغل و ضيق الوقت ، فلا بد من عدم التسجيل و أن يقتصر على أشياء مخصصة فقط ، و الأمور الأخرى لا يأذن الإنسان بتسجيلها .

اللهم إلا نوعية خاصة من العلماء كمن أسلفت أسماءهم من قبل ، فإن أمثال هؤلاء من العلماء ، يطلب تسجيل أي فتوى يقولونها مهما كان زمانها و مكانها ، لكن البقية يكفي أن يسجل له دروس أو محاضرات أعدها و تعب في تخضيرها ، ضماناً لعدم التكرار .

4) من المآخذ عدم الاهتمام أحيانا بالتأصيل ، فإن المتحدث قد يتكلم أحيانا في عموميات كثيرة جداً و لا يهتم بوضع الأصول و الضوابط التي يستطيع الناس أن يفهموها و يستفيدوا منها .

5) و منها عدم مراعاة واقع الناس أحيانا في اختيار الموضوع ، و عدم التفاعل مع الأحداث ، فمثلاً قد تجد أن الناس مشغولين في حدث ما ، و الحديث في مجال آخر ، فعلى سبيل المثال لما وقعت أحداث الكويت مثلاً و أحداث الخليج بعدها و هي أحداث حية و متفاعلة في نفوس الناس كلهم ، تأتي إلى خطيب فتجده يتحدث في موضوع بعيد كل البعد عن هذه القضايا ، و هذا لا شك ليس من الحكمة ، فالواجب أن يتحدث الخطيب عن الموضوع الذي يشغل بال المستمعين و يوجههم إلى الطريقة المناسبة و الحل الشرعي لمثل هذه القضايا التي تهمهم .

6) من السلبيات كذلك عدم التحضير للموضوع أحياناً ، من حيث المعلومات و الإحصائيات و الحقائق و النصوص و غيرها ، قد تستمع إلى موضوع مهم أحياناً ، لكن ليس فيه مادة علمية جيدة تعب صاحبها في إعدادها و تحضيرها .

7) الأخطاء في اللغة العربية ، و هذا أمر طبيعي من جهة ، لأن المتحدث قد تسبق على لسانه كلمة عامية أو خطأ نحوي ، هذا أمر طبيعي ، لكن ينبغي أن يراعيه الإنسان قدر المستطاع .
أما فيما يتعلق باللهجة العامية ، فأرى أن هذا لا بأس به أحيانا ، أن الإنسان لإزالة الملل و السأم عن الناس قد يأتي بمثل عامي ، أو كلمة عامية ، أو أحياناً بسبب السرعة و ما شابه ذلك ، و هذا عرف عند السلف أنهم يستخدمون بعض ذلك فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى .

أما العلاج في هذه الأشياء فيتمثل أولا في جهد فردي من الإنسان ، بأن يهتم بما يقدم و يضبط و يتعود ، و كذلك جهد علمي من المحلات التي تقوم ببيع الأشرطة الإسلامية بإيجاد لجان محكمة و متخصصة و استشارة العارفين في ذلك ، أو أن المتحدث نفسه يهتم بما يخصه و يقدم للناس مادة جيدة بقدر المستطاع و كما يسمح الوقت .
و بالنسبة لمحلات التسجيلات ، يا حبذا أن يكون عندها لجان متخصصة محكمة تراعي و تراقب هذه المواد فتعتني بها و تحاول أن تصححها بقدر المستطاع ، و تستبعد ما لا يصلح منها و تراجع صاحب التسجيل و تستشير العارفين بهذه الأمور .

ثانياً / سلبيات في محلات التسجيلات ، فمن المآخذ :

1) تغيير الأسماء أحياناً ، فإنك قد تجد للشريط الواحد أكثر من اسم ، و ذلك لأن الأخوة يضعون أحياناً عنواناً باجتهادهم هم ، فيأتي الرائد و يأخذ الشريط يظنه جديداً ، فإذا سمعه وجد أنه قد اشتراه من قبل و لكن الاسم تغير ، و هذه القضية أمانة ينبغي أن تراعى فيها الدقة بحيث يوضع العنوان الذي اختاره المتحدث له .

2) عدم التركيز على الدروس العلمية ، فإن العناية بها و تقديمها للناس و محاولة نشرها بين الشباب و الدعاية لها مهمة ، لأنها هي الباقية ، بخلاف كثير من الأشياء الوقتية التي قد تنتهي و تزول .

3) عدم المبادرة بطلب الحديث أو المشاركة في مناسبات معينة ، يعني أن كثيراً من التسجيلات ربما يكون دورهم في التسجيل فقط و النشر ، لكنهم بحكم احتكاكهم بالناس يدركون أن هناك موضوعات ينبغي أن تطرق ، فالواجب تقديمها للمتحدثين و المشائخ و العلماء ، ويقولون هذه أشياء يكثر الناس من السؤال عنها و يطلبونها ، لأن كثير من الناس يأتون إلى المحل و يقولون : ما عندك أشرطة حول موضوع كذا و كذا ؟ بالإضافة إلى إصدار موضوعات من قبل أصحاب التسجيلات ، و هذا أمر طيب .

4) من المآخذ أيضا ، عدم التعارف بين أصحاب التسجيلات ، فإنه ينبغي أن يكون هناك تعارف و تنسيق في أمور كثيرة ، و تبادل خبرات و معلومات و تعاون فيما يخدم المصلحة العامة ، فإن الذي أعلم من أصحاب هذه التسجيلات ، أن كلهم أو جلهم على الأقل ممن يحمل هم الدعوة إلى الله عز و جل ، و لذلك فإني أقول إن الاهتمام بموضوع الشريط و العناية به و عقد ندوات أو حلقات للنقاش في مثل هذا الموضوع فيما بين المختصين ، هو من أهم الأمور .

5) من السلبيات أيضا ، عدم متابعة الجديد و الإعلان عنه .

6) كذلك ارتفاع السعر أحياناً كما شكا إلي بعض الأخوة من ذلك ، فالناس اليوم أصبحوا يتساءلون و يراقبون و يراعون قضية السعر و المال بسبب ظروفهم المادية بلا شك ، فكل شيء يؤثر فيهم ، و لذلك كلما أمكن أن يكون السعر منخفضاً كان ذلك أدعى لانتشار المادة و الانتفاع بها و الإقبال عليها ، و الاحتساب في الدعوة إلى الله عز و جل ينبغي أن يكون وارداً ، فأنا لا أقول إن أصحاب التسجيلات أصحاب أهداف مادية كما يقول بعض الصحفيين ، حاشاهم من ذلك ، و إن كنا أيضاً لا نقول أن كلهم على قلب رجل واحد ، أعرف من أصحاب التسجيلات من يبيع بسعر مخفض و هذه محمدة ، و أعرف من يوزع نسخا مجانية كثيرة ، و هذا أيضا يشكر لهم ، و أعرف من يقومون بمشاريع تعاونية خيرية و يقومون كذلك بنسخ مواد مفيدة على بعض الشرطة السيئة بالمجان ..

على كل حال المقصود من عرض هذه السلبيات هو التوجيه و لفت أنظار الأخوة إلى بعض هذه الأمور .

**************************************
سابعاً / المقترحات :
أهم هذه المقترحات في نظري هي :

1) ضرورة نقل المناهج الدراسية إلى أشرطة سواء مناهج القرآن الكريم أو مناهج المواد الأخرى للطلاب في الابتدائي و المتوسط و غيرها إلى أشرطة تكون في متناول الطلاب بنين و بنات و هذا مهم و مفيد .

2) وجود برامج متخصصة لطبقة معينة من المجتمع ، مثل برامج للعوام و الأطفال و المرأة و المثقفين و الشباب ، إلى غير ذلك ، و في ذلك بدايات جيدة لكنها تحتاج إلى مزيد من التخطيط و الترتيب .
3) اقتراح مواضيع مهمة يحتاجها الناس كما أشرت إلى ذلك ، فينبغي أن يكون هناك رابط بين المتحدث و السامع ، و تجاوب بينهما .
4) تطوير المادة الفنية في الشريط و الإعداد ، و هذه ناحية مهمة ، فمن المزعج أن يستمع الإنسان شريطاً مشوشاً أو مرتبكاً أو فيه تسجيل متداخل و أصوات غريبة و ما أشبه ذلك ، فلا بد من العناية بالنواحي الفنية و جودة الإخراج .
5) تخفيض السعر بقدر الإمكان فالناس كما ذكرت لظروفهم الاقتصادية يهتمون بالسعر .
6) تغطية المناطق بالمندوبين الذين يتابعون ما يجد .
7)العناية بنوعية الشريط ، فإن بعض محلات التسجيل قد تسجل على أشرطة غير جيدة سريعة التآكل و التلف فلا يستفيد منها الناس و لا يستطيعون الاحتفاظ بها .
**************************************
ثامناً / وقفات مع بعض اليوميات :
لم يعد الهجوم الغربي الكاسح على الشريط الإسلامي سراً ، فهناك جلسات كثيرة في دوائرهم الكبرى السياسية و الإعلامية للكلام عما يسمى بمعركة الشريط ، و الهدف من ذلك هو تهويل الأمر و إثارة المخاوف من هذه الأشرطة .
و لذلك كثير منهم كما قرأت في صحفهم و استمعت إلى أخبارهم يربطونها بثورة إيران و ما جرى فيها ، و هم بذلك خبثاء بلا حدود لأنهم يتجاهلون و لا أقول يجهلون ، لكنهم يتجاهلون عمدا الفوارق الأساسية بين البلاد ، فبين هذه البلاد المباركة الآمنة الطيبة ، و تلك البلاد المليئة بالفتن فرق كبير لا يجهله أحد سواء من الناحية الاعتقادية ، فأولئك قوم من الرافضة الشيعة الذين لهم معتقد خاص و مبدأ خاص و أسلوب خاص في معاملة بعضهم بعضا و في معاملة مجتمعهم و في نظرتهم للأمور ، أما في هذه البلاد فيخيم و لله الحمد مذهب أهل السنة و الجماعة و العقيدة السلفية الصحيحة و آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله باقية معروفة .
كذلك من الناحية العلمية الفرق كبير جداً بين البلدين ، فها هنا العلم بحمد الله يمد رواقه و يضرب أطنابه ، أما هناك فإنه ليس لديهم العلم و إنما لديهم علماء يتبعون ، و ليسوا علماء بل هم علماء ضلالة ، يتبعهم العامة دون روية و تبصر و تفكير ، قل مثل ذلك بالنسبة للناحية الاجتماعية و تركيبة المجتمع و نظرة الناس و واقعهم ، إضافة إلى الناحية التاريخية ، كل هذه الفوارق المؤثرة الكبيرة يتجاهلها أولئك حين يربطون هذه الأوضاع بما يجري في تلك البلاد و يهولون الأمر و يضخمونه لمحاولة تخويف الناس من هذه الأشرطة .
إيران بلد القلاقل و الثورات و الاضطرابات ، و هي من بلاد المشرق التي قال فيها النبي من هناك الزلازل و الفتن حيث يطلع قرن الشيطان ، و تاريخها في ذلك معروف ، أما هذه البلاد فهي بلاد الحرم الآمن ، هذا البلد الأمين ، بلاد رعاة الغنم حيث أخبر النبي صلى الله عليه و سلم عن السكينة و الصدق لدى هؤلاء الرعاة و هم أصحاب الصدق و الوضوح و الصلاح و الاستقامة و توافق ظاهرهم مع باطنهم !
فمن يقيس هذا على ذاك كمن يقيس الخمر على اللبن كما يقول البعض ، و هي شنشنة نعرفها من أخزم ، فإن هذه الدوائر تهدف إلى استعداء القادرين على الإسلام و أهله و اختلاق أوهام كبيرة في النفوس لا حقيقة لها ، و هذا ليس الغريب لكن الغريب أن يلتقف بعض الموتورين هذه الأفكار الأجنبية الغربية و يأخذونها معلبة و ينشرونها بأسمائهم دون أن يذكروا المصادر التي نقلوا منها ، و أخذوا عنها و لو على الأقل للأمانة العلمية !!
فمنذ زمن حين ثارت قضية الحداثة ، نشر في جريدة اليوم في عددها 5399 مقالا بعنوان ( فوضى الكاسيت ) ، و تحدث كاتبه في هذا المقال فجمع بين جلسات الطرب و جلسات الوعظ على حد سواء ، و قرن الأغاني الرديئة بالخطب العصماء على حد تعبيره و أبدى امتعاضه من الرواج الكبير الذي تلقاه الأشرطة الدينية كما يقول و ذكر أنها أصبحت نوعاً من التجارة الرابحة لدى الباعة الذين لا يردون خير لتسويق هذه الأشرطة كما يقول و إنما هي متاجرة بالدين لا تليق بمسلم و وصف المتحدثين في تلك الأشرطة بأنهم لا يعلم إلا الله مدى تمكنهم من الحديث و الطرح الجاد لصالح الإسلام و المسلمين !
فهو ينتقد أصحاب التسجيلات و ينتقد بعد ذلك الذين يتحدثون في تلك الأشرطة الدينية و الخطب العصماء كما يسميها ، و يصف ما يجري بأنه نوع من العبث و أنه خطر داهم لا يمكن الاستهانة به ، بل لا بد من التعامل معه بحزم .. حفاظاً على ماذا ؟ ليس على سمعته الشخصية و لا مكتسباته الحداثية ، و إنما يقول حفاظاً على نقاء الدين الإسلامي الحنيف !!
تبارك الله ! هذه الغيرة الكبيرة ما عهدناها إلا حين جاءت قضية الشريط الإسلامي ! حفاظاً على نقاء الدين الإسلامي الحنيف و صيانةً للمجتمع من عوامل الانشقاق إذا تشربت إليه بذور الشك ! أي أن الذين يبثون الانشقاق في المجتمع هم الذين يدعون إلى التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج ، و يحاربون النحل الضالة من العلمانية و الحداثية و غيرها ، أما أصحاب الحداثة الذين ينشرون سمومهم في هذا المجتمع ، و يبثون أوبأتهم و يدسون رؤوسهم و أنوفهم في كل مكان ، فهم دعاة الوحدة الوطنية .. أجاركم الله !!
و يقول : " لا بد من صيانة المجتمع من بذور الشك التي تنشر على أيدي أولئك الذين يفترون على الله الكذب " ، و لم يحدد من هم ، فهذا الكلام يصلح أن ينطبق على حد زعمه على كل من يتكلم في هذه الأشرطة التي تحدث عنها .
عجبا !! ما هذا الفزع و الغيرة العجيبة على الدين و أهله ؟؟ أين هذه الغيرة من تلك الأشرطة التي تتاجر في العفاف و تبيع الرذيلة عياناً بياناً و تفتك بالشباب ؟؟ و أصحابها منك قاب قوسين أو أدنى ! و ما هذا الاطلاع على دخائل القلوب و ما تكنه النفوس و الضمائر حين تصف هؤلاء بأنهم يتاجرون بالدين و .. و .. ؟؟!!
ثم أين الثقة بالمجتمع ؟ لقد عهدناكم تقولون إن المجتمع محل ثقة و إننا نريد أن تتاح الفرصة لكل أحد في أن يطرح ما عنده من أفكار و مذاهب و نظريات و ظنون و شكوك ، هكذا يقولون ، و المجتمع محل ثقة لا مانع من طرح أي شيء ليأخذ ما يريد بحرية و يترك ما يريد بحرية !! و لا بد من إتاحة الفرصة لما تسمونه أنتم بالرأي الآخر !! فأين هذه الثقة التي كنتم تمنحونها للمجتمع ؟ لماذا سحبتموها منه و وصفتم المجتمع بأنه – كما يقول صاحب المقال – من العامة الذين يصدقون كل ما يسمعون ؟!
و لماذا لا نقول إن هؤلاء العامة الذين يصدقون كل ما يسمعون يجب حمايتهم من لوثات الحداثة و العلمانية و الفكر الدخيل الذي يأتي على شكل قصة أو قصيدة أو شعر أو مقالة ، أو من دعاة التخريب و التغريب بل و من دعاة الاستعمار الذين يمدحون المستعمر على صفحات جرائدنا و مجلاتنا و يقول إن هذا الاستعمار ، و إن أخذ كل أموالنا إلا أنه نور عقولنا و أفكارنا !
إلى هذا الحد ؟ و لماذا لا تطالب أيضا بحماية الناس من تلك الأفكار و المبادئ التي غزت كثيرا من شبابنا و مثقفينا و جعلتهم يرددون نظريات الغرب و تحليلاته دون أي تعديل يذكر ؟؟ لماذا تغفل عن هذا كله و تجعل همك حول هذه الأشرطة ؟؟
ثم ، هل أنت على درجة أنك تستطيع أن تقول عن هؤلاء إنهم يفترون على الله الكذب ؟ إن كنت عالما جليلا فقيها نبيلا قد ثنيت ركبك في حلق العلم و أخذت من العلم الشرعي بنصيب و دانت لك الأمة ، فنعم ، من حقك أن تحكم على أحد ما أن يفتري على الله الكذب ، أما أن تصف أناس هم بلا شك أقدر منك في مجال الشرعيات و أدرى منك في هذه الأمور بمثل تلك التهمة ، ثم كما يقول المثل العربي " رمتني بدائها و انسلت " ، فهذا هو العجب العجاب !!

و كتب آخر في جريدة عكاظ مقالاً بعنوان " باتجاه المطر " ، و أشار إلى قضية مهمة ، و هي أن كثيرا منهم يجد نفسه معزولاً – يتحدث هو عن نفسه – حتى بين أقرب الناس إليه ، حتى بين زوجته و بنته و ولده ، حيث يتهمونه بالزندقة و المروق من الدين ، لماذا ؟ لأن هناك أشرطة تحدثت عن الفاسدين و المفسدين و العلمانيين و الحداثيين و غيرهم !
و هذا يؤكد فعلاً أن المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع متدين ، و قد سبق و ذكرت في بعض المناسبات أن الإنسان المنحرف يجد نفسه معزولاً محصوراً حتى بين أقرب الناس إليه ، و هذا مصداق ما كنت ذكرته ، فهو يقول إن الزوجة و التلاميذ و الأولاد و الجيران و القارب و المعارف ، كلهم أصبحوا ينظرون إليه شزراً ، و كأنه ملحد أو زنديق ، و سبب ذلك – حسب قوله – هو صكوك النار التي منحها البعض له و لأمثاله الذين يفكرون بشكل مغاير للسائد ، و بطريقة مخالفة لما عليها المجتمع !
و لذلك يزعم أن هؤلاء أعطوه صكا إلى النار ، و هذا لا شك من تهويلهم و مبالغتهم و بعدهم عن الأمانة العلمية ، فإن صكوك النار هذه لدى النصارى ، نحن مسلمين فهاتوا لنا رجلاً واحدا حكم عليه بأنه كافر ! هاتوا لنا عالماً من علمائنا أو طالب علم أو داعية ، سمى شخصا و قال : فلان كافر ! أين هذا ؟ كونك تقول هذا العمل كفر هذا شيء ، و كوني أحكم على شخص معين بأنه كافر هذا شيء آخر ، أنا قد أقول مثلا أن هذا القول كفر ، أقول ذلك إذا كان القول كفراً ، لكن لا يلزم أن أحكم على كل من قاله بأنه كافر ، لأنه قد يكون قاله جاهلاً ، أو قد تراجع عن ذلك وتاب منه ، أو قد يكون متأولاً ، هناك احتمالات كثيرة تمنعني من أن اصدر حكما عليه شخصيا ، لكني أستطيع أن أحكم على الفعل نفسه ، و هم لا يميزون بين هذا و ذاك ، و لذلك يتحاملون على طلبة العلم و الدعاة و العلماء بمثل هذا الكلام الذي ذكرته .
و يصيح هذا الكاتب و يقول : أنقذونا قبل أن تصل النار إلى رؤوسنا ، و يطلب أن يكتب المتحدث في النور و أمام الجميع ، فيقول : لماذا يكتب المتحدث في شريط ؟؟ لماذا لا يأتي في النور و يتكلم أمام الجميع ؟؟
فأقول : سبحان الله ! هل تركتم مجالاً لأحد كي يتحدث ؟ لقد أمسكتم بخناق الصحف و وسائل الإعلام فأصبحتم لا تأذنون غالباً إلا بالمادة التي تخدمكم و تئدون و تحاربون كل صوت حر نزيه يفضح ما أنتم فيه أو يخالفه ، فلا تنشرون من ذلك إلا النـزر اليسير ، أما الصوت الذي يؤيدكم و يوافق ما أنتم عليه ، فإنكم تلمعونه و تنشرونه ، و إن كان ضعيفاً صححتموه و بالغتم في النفخ فيه حتى يصبح ذا شأن ، و إذ لم تدعوا مجالاً لأحد يتكلم ، فلا يبقى أمام الدعاة إلى الله عز و جل إلا المسجد و المنبر و المنصة و ما يتبع ذلك من هذا الشريط الذي يعبرون فيه عن الرأي الصحيح ، و مع ذلك انزعجوا منه فصاروا يشنون مثل هذه الحملات التي أشرت إلى شيء منها .
و زعم الكاتب أيضا أن الزمن هو الوحيد القادر على فرز الجيد من الرديء من الأفكار ، و هذا زعم غريب ، فالزمن لا يكفي و ها نحن بعد مرور مئات بل آلاف من السنين ، نجد الجدل يحتدم بين نظريات فلسفية قيلت منذ قرون طويلة ، و ليس مجرد كون الشيء قد وقع و تحقق في مجتمع الناس يعني أنه صار حقاً ، لا ، فقد يقع أمر و ينتشر بين الناس و يروج ، و يبقى خطأً مشهوراً ، و يكون هناك صواباً مغموراً ، فليس الزمن هو الكفيل كما تزعم أبداً .

و أخيراً …

طالعتنا صوت الكويت بمقال بعنوان (يوميات كاسيت), تكلمت فيه عن أحد العلماء المحدثين المعروفين و علق الكاتب بقوله : (نتمنى على بعض علمائنا الأكارم أن يبقوا في مجال تخصصهم, و ألا يزجوا بأنفسهم في بحار السياسة , و هم لا يحسنون السباحة فيها حتى لا يغرقوا و يغرقوا شبابنا الحائر معهم ).
ويقول : ( و قديما قال محدث فقيه ألمعي , بين أصحابنا من أرجو بركته و لا أقبل شهادته , و قلت في أمور السياسة ).
أي لا يقبل شهادته في أمور السياسة! يا عجباً..! متى كان الفصل بين الدين و السياسة؟ و منهج من هذا؟ أن يكون عندنا علماء نرجو بركتهم و نقبل منهم الحلال و الحرام و نأخذ عنهم الحديث و العلم و لا نقبل كلامهم في أمور السياسة ؟ و هل أمور السياسة بمعزل عن الدين ؟ هل هناك سياسة و هناك دين, طرفان متناقضان؟
أم أن السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و الفن و الأدب و الإعلام و كل أمور المجتمع يجب أن تخضع للإسلام ؟
لا شك أن الجواب هو الثاني, و لا نعرف في دين الإسلام فرقاً بين شيءٍ اسمه دين وشئ اسمه سياسة, و ما هي قيمة العالِم إذا لم يبين للناس قضاياهم السياسية التي هي من أهم القضايا التي يحتاجون إليها و التي تتعلق بمصالح الأمة العامة, هل تريد من العالم أن يبقى محصوراً فقط في أحكام مثل الذبائح و الصيد و النُسُك و الحيض و النفاس و الوضوء و الغسل و المسح على الخفين ، و أن يترك قضايا الأمة لغيره ممن لم يتذوقوا طعم العلم الشرعي, و لم يعرفوا ببلائهم و جهادهم في سبيل الله عز و جل و ما شهدت لهم الأمة بالجهاد في ميدان دعوتها و إعادتها إلى الطريق المستقيم؟ هل تريد هذا؟؟ هيهات!
ألا تدري أنك بكلامك هذا قد أسقطت مجموعة هائلة من فتاوى و بيانات هيئة كبار العلماء تتعلق بأمور سياسية بجميع المقاييس, و أسندت الأمر في هذه الفتاوى بعد أن أسقطتها إلى من تثق أنت بهم و تقبل شهادتهم..؟
إنك تطالب باحترام التخصص, كما هو واضح من عبارتك , و هذا إجمالا ممكن و معقول , لكن لننظر هل هذه القاعدة عامة لكل الناس , أم أنك مستثنى من هذه القاعدة و لك الحق في طرح أي موضوع بدون استثناء؟

ما بالك خضتَ في قضايا مشرقة و أخرى مغرّبة؟ فأنت مرة اقتصادي ماهر, و محلل في مسائل التنمية , تكتب في مقال : ( أوهام و أضغاث أحلام ) ، في ملحمة التنمية ، و ذلك في مجلة الاقتصاد و الإدارة , و تكتب بحثاً بعنوان ( التنمية وجها لوجه ) و هو كتاب مطبوع ضمن سلسلة إصدارات تهامة .
و مرة أخرى أنت خبير في الصناعة و التخطيط الصناعي , تكتب بحثاً بعنوان ( الجبيل و ينبع..كيف و لماذا ) ، و هو موجود في مكتبة وزارة التخطيط بالرياض , و تكتب بحثاً آخر بعنوان ( الصناعة في الخليج .. آفاق جديدة ) ، و هي عبارة عن محاضرة صغيرة ألقيت بجمعية المهندسين البحرينيين .
ومرة ثالثة تكتب في الصحة والخدمات الصحية حيث نشرت لك مقالة بعنوان ( نحو خدمة صحية أفضل ) .
و مرة أنت خبير في السياسة و العلاقات الدولية حيث دراساتك و رسالة الماجستير و الدكتوراه , و من ذلك مقال نشر بعنوان : ( نظرية العلاقات الدولية , هانز جي و نقاده ) , و قد ذكرت في مقابلة مع المجلة العربية في هذا الشهر , أن المصلحة الوطنية , و هذا مما يتعلق بالسياسة و الخبرة في العلاقات الدولية, أن المصلحة الوطنية تقتضي أنك عندما تكون حليفاً لدولة ما , أن تعتبر كل ما يدور بداخل هذه الدولة,خيراً كان أو شراً, من شؤونها الداخلية ، ومن حقك أن تعقد حلفاً مع دولة ما, مهما كان فساد هذه الدولة الداخلي , و لا يعنيك شأنها الداخلي , بمعنى أنك حين قلت قصيدة تمجد فيها صمود العراق في وجه إيران، يوم كانت العراق تحارب إيران حسب تصريحك أنت في العدد نفسه,مصيب و لست بنادمٍ على القصيدة , أي من حقك مثلا أن تتجاهل جرائم صدام حسين مع المسلمين الأكراد و السنة في العراق , و مجازره البشعة ضد العلماء في بلده و ضد الدعاة , و استئصاله لشأفتهم , و قضاءه المبرم عليهم , و أن تعتبر هذا أمراً داخلياً لا شأن لك به ما دامت مصلحتك الوطنية تقتضي أن تكون حليفاً له . هذا معنى كلامك , ومضمون حديثك , و هو جزء مما تحدثت فيه في العلاقات الدولية و الخبرة السياسية .
و مرة أخرى أنت مؤرخ ، تنقل في مجلة اليمامة عدد 684 ورقة عائلية من تاريخ الطبري لتستنتج منها , أن عمر رضي الله عنه يدعو زوجته إلى طعام الغداء مع ضيف جاء إلى عمر من أحد البلاد , و أن الذي منع المرأة من القدوم هو سخطها على عمر , و إلا لجاءت لتأكل مع الضيف , و هي ساخطة لأن عمر لم يشتر لها ملابس جميلة كملابس فلانة و فلانة من نظيراتها , ثم عقبْتَ على مقالك هذا بالهجوم على السادة الكرام الذين يتصورون أن المرأة مخلوقة من الدرجة الثانية و ربما من العاشرة , و لم تبين بالضبط من تعني بهؤلاء السادة الكرام , فربما نكون نحن جميعاً من أولئك السادة الكرام !
و مرة أنت مفسر و محدث تروي عن الطبري في تفسيره أقوال منكرة غريبة و آثار مرفوضة , و تتجاهل كلام ابن كثير في نكارتها , و تتجاهل العقل الذي ينكرها و يرفضها , و تتجاهل أن إسنادها مظلم كالليل , و تمكن لهذه الروايات ، لتستدل بها على بعض نظراتك التي تتعلق بالأوضاع السياسية في منطقة الخليج و ما حولها .
و مرة أنت باحث اجتماعي كما في كتابتك ( قضية القضايا , و بقية البقايا ) حيث تحدثت عن التغير الاجتماعي و كيف يتم هذا التغيير , و أنه من خلال التغيير الاجتماعي يمكن أن تُحسم أمور سابقة كقضية اللاسلكي , أو تعليم المرأة أو عمل المرأة أو قضية التلفاز و غيرها , و أنه يجب أن يتم الحوار حول القضايا المطروحة في جو هادئٍ بعيدٍ عن التشنج و الانفعال و استعداء السلطة على الرأي الآخر , و بعيدٍ عن الاتهامات التي تلقى جزافاً و بلا مبالاة .
لا أدري , ما دمت تحذّر من استعداء السلطة على الرأي الآخر , ماذا كنت تعني بالضبط بقولك في يوميات كاسيت : ( أيتصور البعض أن جهاد الكاسيت معركة باردة ) , يعني الجواب عنده : لا ! هي معركة ساخنة فخذوا حذركم .. هذا معنى كلامه ..
و مرة أنت كاتب أصولي تكتب في أصول الفقه , و تكتب عن آداب الاجتهاد و الاختلاف في الإسلام , كما في اليمامة , و تنقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله و الإمام مالك رحمه الله و الإمام الشاطبي رحمه الله و قد حسبت في هذا الكلام نقولَ كثيرة , بل إن الكلام كله نقول , و ختمت النقول بقولك : ( ترى ..متى يتعلم المسلمون المعاصرون من أسلافهم العظام شيئاً من أدب الاجتهاد و أدب الاختلاف ؟ ) .
نحن نوافق على أنه يجب أن نتعلم من أسلافنا كل شئ و ليس فقط أدب الخلاف و أدب الاجتهاد , لكن لا أدري أين ذهبت هذه الآداب في مقالة الشريط , حيث برزت اتهامات بالكذب و الاختلاق , و اتهمت بعض المحدثين بأن هناك أشياء و قصص يروونها لا وجود لها إلا في خيالهم , و معنى ذلك أنهم تخيلوا شيئا و اختلقوه و رسموا منه قصة موضوعة , و سردوا حكايات لا وجود لها إلا في خيالهم , و لا أدري لماذا التدخل في توزيع التخصصات و الاستغناء عن خدمات العلماء ؟
إنك تلمح بأن بعض المتحدثين في تلك الأشرطة هم كإذاعة بغداد , و أنهم أخذوا بعض ما يتكلمون فيه عن مخاطر وجود المرأة الأجنبية مجندة كانت أو غير مجندة على هذه البلاد و أخلاقياتها من خيالهم , و أن همهم هو إثارة البسطاء كما تقول , و استفزازهم بقصص خيالية .
إن هذا الكلام يصدق على الممثلين و يصدق على الفنانين , و يصدق على بعض المشتغلين في الإعلام , و يصدق على بعض الأدباء و الشعراء الذين همهم إثارة البسطاء و استفزازهم حقاً , أما العلماء فإنهم يتكلمون عن حقائق و وثائق و وقائع و إن كانت لا تعجبك على كل حال..
أين الأسلوب العلمي ؟ أين الهدوء المعتاد الذي تدعو إليه؟
و مرة أخرى , تتحول إلى مفتي , يفتي في الجليل و الحقير , ففي مقابلة مع عكاظ يفتي بالموسيقى و بفتي بجواز كشف المرأة لوجهها , و يقول : ( هاتوا لي دليلا من الكتاب و السنة , على تحريم قيادة المرأة للسيارة , فالكلام المطروح حتى الآن غير مقنع هذا الموضوع ) .
و قد تجرأتَ أكثر و أكثر حين كتبت في جريدة المسلمون في عدد هذا الأسبوع بعنوان : ( حد القذف هل يشترط التصريح أم يكفي فيه التلميح ) , و هذا تدخّل حتى في أعمال القضاة أيضا , تحدث عن القذف و أنه حرام بالكتاب و السنة , و ساق الأدلة على تحريمه , و أنا ألخص لكم الفائدة حتى تنتفعوا بها , و ذكر أن ألفاظ القذف تنقسم إلى ثلاثة أقسام : صريح و كناية و تعريض ..!
طيب .. ماذا بقي لنا بارك الله فيك , و أصلحك ؟ إذا وصلت إلى هذه القضية ماذا بقي لنا؟ السياسة لا تتكلموا فيها , و الاقتصاد ليس من شؤونكم , و الصناعة و الصحة و الإعلام و .. و .. و الآن أتيت إلى تخصصنا أيضا في موضوع القذف , و في قضايا فقهية تتحدث عن الأدلة و تنقل و تقول أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام و تأتي باختلاف العلماء حول الكنايات كقول القائل لامرأة يا فاسقة يا فاجرة يا خبيثة , و تنقل مذهب الأحناف من كتاب اسمه الميسور للسرخسي , يمكن خطأ مطبعي .. لا أدري , الميسور لا أعرف كتاباً بهذا الاسم , هناك كتاب اسمه المبسوط للسرخسي , و هو المقصود , على كل حال , و نقل من كتاب آخر اسمه الفقه على المذاهب الأربعة , و هذا الكتاب يقول بعض علمائنا المعاصرين بوجوب إحراقه لأنه كتاب غير موثق و لا يعتمد .
ثم عقب بقوله : ( فأعجب من نفرٍ يدعون الغيرة على الأعراض , و هم يستخدمون ألفاظاً يستحق قائلها الحدّ أو التعزير .. ) و معروف من يقصد بذلك , و لا أدري بالضبط هل سمع هو أو سمع غيره شخصاً معيناً يقذف أحداً بالفاحشة ؟
أصل القضية , الكلام في قضية الحد، يفتقر إلى أن يكون أمامك شخص قاذف , فلان بن فلان قذف , بعد ذلك تبحث هل قذف بلفظة صريحة أو كناية أو تعريض, و هل يستحق الحد أم التعزير و هل هو مخطئ أم مصيب .. هذا موضوع آخر ..
لكن الآن ليس أمامنا شخص معين وجد أنه قذف حتى تأتي أصل فكرة البحث , أصل فكرة البحث مبنية على شفا جرف هارٍ , لكن هكذا من تدخل في ما لا يحسن أتى بالعجائب .. فكيف تتحدث عن فعل لا فاعل له ؟!
و إلى هذا و ذاك , فأنت الشاعر الرقيق , صاحب الدواوين العديدة و التي منها ديوان ( معركة بلا راية ) , و أستغفر الله و أتوب إليه حين أجد نفسي مضطراً إلى أن أقرأ لكم مقاطع من ديوان معركة بلا راية لهذا الفقيه المفتي :
**********
أتفهمين إذا قالوا غدا ذهبا
أتفهمين إذا قالوا اختفى..هربا؟
مضى و ما قال في عينيك قافيةً
و خلف الكأس تبكي الصيف و العنبا
**********
أفتش بين الوجوه
فألمح شوق البشر
إلى رحلة في بوادي الخدر
و ألمح خلف العيون
حنيناً إلى سفرة في الجنون
و ترثي الكؤوس..لمن يشربون و لا يسكرون
**********
و هذي الجموع
تحاول نسيان آلامها
و تبني محاريب أوهامها
و تحلم فيها بليلة سُكْر
و مخدع عطر
يحوم عليها بخار الكحول
و يروي المساء
حكايا الفحول
و كيف يصيدون أحلى النساء
***********
و كنتِ بقربي
و كان السرير..يحدث عن ليلةٍ ثائرة
***********
أتحسبين أننا , بقبلةٍ , نقدر أن نخلق نفسينا كما نشاء؟
و أننا بضمةٍ ، نقوى على نسيان ما يدور في الخفاء؟
و أننا إذا ارتمينا في السرير عاريين
نهرب مما كان في ثيابنا؟
*********
نعم .. أحببتُ قبلكِ ألف مرة
و ذقت الحب نشوته و مره
و طرتُ مع الشفاه إلى ربيع
قطفت وروده و شربت خمره
و غصتُ مع النهود إلى لهيبٍ
نشقتُ دخانه و أكلت جمره
**********

و أنا أستغفر الله عز وجل , ثم أعتذر إليكم من إيراد مثل هذا الكلام المنتن في مثل هذا المكان الطيب المبارك , و لكن هذا مما لا بد له لإيضاح الأمور و كشف الحقائق و تجليتها لمن لا يدركها..
انتهينا الآن من تناول النقطة الأولى , و هي أن كل الناس يجب أن يتخصصوا و أن يحترموا تخصصهم , خاصة من هم في المجالات الشرعية , يجب ألا يتدخلوا في ما لا يعنيهم , أما غيرهم فمن حقهم أن يتكلموا في أي موضوع !
و هناك أمر آخر , ما هذه التناقضات ؟
إنني لا أستطيع أن أفهم شخصاً يتكلم عن ابن القيم و مالك و الشافعي و أحمد و الشاطبي رحمهم الله , ثم يتحدث بلهجة أخرى عن مثل نزار قباني بأنه : ( شاعر فحل لا يزيده هجوم الهاجمين إلا شموخا و سموقاً ) , كما في مقابلة مع عكاظ عام 1402 هـ ، و هي عندي مصورة .
لِمَ لَمْ تثر حميّتُك الدينية ضد نزار قباني كما ثارت لصالح قضية القذف , والتي تكلمت عنها و انفعلت بها ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك كما ثارت في قضية الكاسيت , ألم تسمع نزار قباني يسخر من رب العالمين و يقول في كتاب الحب :
" قد يعرف الله في فردوسه المللا ..! "
ألم تسمعه أيضا يقول :
" أنا أرفض الإحسان من يد خالقي ..! "
هل هناك أكفر من هذا الكفر , و أبجح من هذه البجاحة ؟
فلماذا تلمِّع مثل هؤلاء الناس الذين أعلنوا كفرهم برب العالمين , و تتكلم عنهم كأنهم عظماء - و لو في مجالهم - دون أن تتكلم بكلمة واحدة عن مناوأتهم لهذه الأمة و مخالفتهم حتى لأخلاقياتها و قيمها , بل حتى لمصالحها .. ؟
كيف تتحدث عن طه حسين بقولك : " الذي خلده التاريخ " و تتناسى أنه يقول : ( قد يحدثنا القرآن عن إبراهيم و إسماعيل , و هذا لا يعني بالضرورة وجودهما التاريخي ) ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك الدينية من ذلك المحاضر الذي طردك من القاعة كما تقول في اليمامة عدد " 1127 " ، و الذي تعلمت منحنيات العرض و الطلب و قانون المنفعة المتناقضة , و نظرية الميزة النسبية , و سمعت منه لأول مرة اسم آدم سميث و كارل ماركس ؟
و أشير إلى مقابلة في الشرق الأوسط أجرتها معه هدى الحسيني , و سألته : (هل يمكن للإنسان أن ينجح في أن يكون دبلوماسياً و سياسياً و شاعراً و كاتباً و صحفياً في الوقت نفسه ؟ ) , لاحظ السؤال , هي ما سألت و فقيهاً و عالماً و مفتياً و قاضياً و كذا و كذا , سألت فقط عن أربع نقاط , الجواب له : ( من الناحية المنطقية يمكن للإنسان أن يكون عدة أشياء , أين الصعوبة ؟ لقد عرف التاريخ العديد من الدبلوماسيين الذين كانوا في نفس الوقت شعراء و كتاب قصة , و أعظم الشعراء في العصر الحاضر كانوا من الدبلوماسيين أمثال عمر أبو ريشة و نزار قباني , و بدوي الجبل كان وزيراً و سياسياً , لذلك ليس بالأمر الغريب أو بالبدعة أن يكون الإنسان دبلوماسياً و شاعراً و كاتباً في وقت واحد ) .
و هاهنا أقول : لمن التخصص إذن ؟
القضية الثانية , هي كيف نفهم هذا التناقض , ثم ما هذا الهجوم الصارخ على كل من تسميهم بالأصوليين , و هي تسمية نصرانية مستوردة غربية كما هو معروف , أنت تحاربهم بسيفك الخشبي القديم المتآكل , فما هو السر في أن تحشرهم جميعاً في زمرة صدام حسين , و أنت مرة تسميهم بالصدَّاميين أيضا , و مرة أخرى تقول عنهم : ( فئة المزايدين من زعماء ما يسمى بالحركات الأصولية و منطق هؤلاء وصولي محض - لاحظ وصولي..أي أن هدفه الوصول إلى السلطة بكل وسيلة - و لا تزال الشعارات المعادية للإمبريالية ذات بريق في الشارع الوصولي , فهم يستخدمونها لأغراضهم السياسية و هذا موقفٌ انتهازيٌ من ساسةٍ يهمهم الوصول إلى الحكم تحت أي شعارٍ و بأي وسيلة ) .
ثم ذكر موقف زعيم الأصوليين في السودان كما يقول , و قال : ( إن لهم هدفاً واحداً يتيماً , الوصول إلى السلطة , و قس على هذا الموقف موقف بقية الساسة الأصوليين المتعطشين إلى الحكم ) .
أولاً : الذي نعهده من المخلص لقضيته , و أنت تظهر الإخلاص لقضيتك , أنه يحرص على أن يكسب الناس ضد صدام , و ليس أن يحشرهم في زمرة صدام , فما بالك مع من ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , لقد حرصت على أن تحشرهم جميعا في زمرة الموالين لصدام حسين , مع أنني لا أنكر أبدا و لا أحد ينكر أن هناك فئة غير قليلة ممن ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , قد انخدعوا بهذه الدعوات و الألفاظ البراقة التي أعلنها صدام حسين , فركضوا وراءه و هتفوا باسمه و تحالفوا مع البعثيين و غيرهم , و هذه غلطة كبيرة تحدثت عنها في غير هذا الموقع ، و هي أمور في الواقع تؤكد فعلاً أنه يجب مراجعة أمور كثيرة بالنسبة للدعوة الإسلامية و أوضاع الدعاة ,و لكن ليس صحيحاً أن بعض الذين في قلوبهم مرض يستغلون خطأ فئة ليحاولوا أن يلصقوا هذا بكل من ينتسب للدعوة الإسلامية .
سميتهم بالأصوليين و حشرتهم جميعاً دون أن تميز بعضهم من بعض و بدأت تطلق التّهم جزافاً تحت مظلة أن هؤلاء من أصحاب صدام و أن من حقك أن تقول فيهم ما تشاء.
نحن حريصون على أن كل إنسان ليس موالياً لصدام , يعلن صوته و يبرأ ساحته , و لسنا حريصين على أن نتهمه بالموالاة و أن نشهر إعلاميا أنه من المؤيدين و لو لم يكن كذلك .
أين الإخلاص للقضية التي تكتب عنها صباح مساء ؟ إنك الآن تتهم هؤلاء بأنهم طلاب حكم أو طلاب سياسة , و أنا لست مدافعا عنهم فهذا أمر آخر .
و لكنني أقول : إنك أيضاً في مقالك (يوميات كاسيت) وصفت طائفة أخرى من المؤمنين بأنها تستهدف الشهرة من خلال الشريط , فها أنت تقول ساخرا من شاب بكى لوجود مجندة أجنبية : ( لماذا لم ينضم صاحبنا إلى المقاومة الكويتية ؟ أرجو ألا يكون السبب الخوف ! ) , ثم قال : ( و ليس كذلك اللقاء مع أشرطة الكاسيت ) .
يعني ما فيه خوف اللقاء مع أشرطة الكاسيت !
ثم يقول : ( فهو شعبية بلا ثمن , قال بعض الفقهاء عن صيام رمضان في الشتاء ..غنيمة باردة ).
إذن أنتم يا أصحاب الكاسيت طلاب شهرة و طلاب شعبية لا أكثر و لا أقل !
أما صاحب المقال فليس كذلك , ألم تقرءوا في الشرق الأوسط حين قابلته هدى الحسيني : ( أنا لم أكن في يوم من الأيام في مباراة كسب شعبية , و لست الآن في مباراة كسب شعبية مع أحد , و لن أخوض في المستقبل مباراة لكسب شعبية لا مع حكام و لا مع شعوب ).
سبحان مغير الأحوال! ما بين المقالين إلا أيام و ليال , و لي هاهنا أكثر من سؤال ..
أولا : إذا لم تكن تريد الشعبية و لست تريد المنصب كما نفيت ذلك أيضا , فأنت تريد الجنة بعملك هذا إذن ؟ لستُ من الحراس على باب الجنة , و عَلِم الله أننا نتمنى لكل إنسان أن يهديه الله عز و جل سواء السبيل و أن يكون من أهل الجنة , هذا ما يعلمه الله من قلوبنا , حتى الذين أساءوا و ظلموا , نتمنى لهم أن يهديهم الله عز و جل إلى سواء السبيل ، و أن يرفعوا الرايات البيضاء و يعلنوا ولاءهم للإسلام و أهله صدقاً بقولهم و فعلهم لا بمجرد التمسح بألفاظ و عبارات إسلامية , علم الله أننا نتمنى أن يهديهم الله عز و جل ..
لكن أعمالَ كثيرة مما تعملها , ليست من الأعمال التي شرعها الله للوصول إلى الجنة..
ثانياً: لم هذا الزخم الهائل من الكتابات , حتى كثرت مقالاتك و مقابلاتك و قصائدك و تعليقاتك و مشاركاتك , حتى إن بعض الصحف لو لم تصلها المقالة ما صدرت ذلك اليوم أو تأخر صدورها , فضلاً عن المجلات الأسبوعية و الشهرية و الكتب و أخيرا ..الأشرطة!
حتى تجار الكاسيت كما يسميهم هذا التعيس , لم ترض إلا أن تشاركهم في عملهم , الذي لم يبق بأيديهم غيره , و كأنك تندب حظك العاثر حين تقول في اليوميات : ( جاء دوري , استمعت إلى كاسيت بصوتي القبيح يحتوي على الرسائل التي كتبتها بعد الاحتلال , و هاأنا أصنّف نفسي دون تردد من مجاهدي الكاسيت , رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و ها أنا عرفت قدر نفسي , جبان خاف الموت في المعركة ، فآثر السلامة في الكاسيت , و أنا على خلاف زملاء المهنة من مجاهدي الكاسيت , أحمد الله على أن جعل البترول ضروريا للعالم كله .. ) .
كأنك تلمح إلى عدم انتشار شريطك , و سبب ذلك تعزوه إلى قبح صوتك كما وصفت , اسمح لي أن أقدم رأيي المتواضع فأقول : أولاً ، السعر غالي , الشريط بعشرين هو و الكتاب و المضمون واحد , لأن الكتاب مفرغ في شريط , فلماذا يُقرن بينهما في كيس واحد ؟
ثانياً : الكتاب سبعون صفحة سميكة ملونة فخمة , منها عشر صفحات بيضاء100% , و الباقي يكون في الصفحة أحيانا كلمتين أو ثلاث , أو أربع , ما حاجة القارئ إلى شراء صفحات بيضاء , مع أنك تعرف ظروف القارئ المادية و الاقتصادية , يعني مجرد صفحات عليها فارس سقط من حصانه , عشر صفحات هكذا , و ما حاجته إلى شريط لصوتك القبيح على أنغام الموسيقى ؟
سؤال أخير , ما معنى نشرك باقة من الورود ما دمت من الزهاد في الشهرة , و الزهاد في الشعبية , و الزهاد في المنصب , و الزهاد في كل شئ إلا في ما عند الله عز و جل , فما معنى نَشْرِكَ في الشرق الأوسط باقة من الورود الحقيقية تعبيراً عن الإعجاب بشخصك ؟
لقد نشر مجموعة من الرسائل أنقلها باختصار :
***************
" فلان يرجو قبوله مريداً لنا.. "
الجواب : لن تجد أكثر منا ترحيباً بمريد.
" فلان سمى مولوده باسمنا .. ".
" فلانة تصف كلماتنا بأنها جرعة أمن و أمان لنا في هذا الزمن البائس .. ".
" أرسل إلينا فلان قصيدة جميلة .. "
( و لا أدري كيف صارت جميلة )..
" عنوانها : سفير المعالي و المكارم و الندى .. "
( صارت جميلة لهذا !).
" فلان يصف شخصنا المتواضع بالجوهرة.. "
" الأخ الكريم فلان يعتبر ما نكتبه يعبر تعبيراً صادقاً عن شعورنا كسعوديين . . "
" و آخر يرسل رجاءً حاراً هو ألا نمتنع أبدا عن الكتابة .. "
" و عاشر يقول : إن شعور كل الناس , كل واحد منا ، إنما تنطق بلسانه و تخط بيمينه.."
" و العشرين يعبر عن إشفاقه علينا من المخاطرة الكبيرة التي نعرض لها أنفسنا .."
" و آخر كتب قصيدتين جميلتين فينا.."
( و لم يكتب أبيات من هذه القصائد حتى نشارك في الحكم على جمالهما ).
" آخر يخبرنا أنه يحبنا .."
" واحد ينصح باتباع الحذر و الحيطة خوفا من أتباع الطاغية صدام .."
و الأخت الكريمة فلانة تقول : " أنت والله الوحيد ممن يكتبون ، ممن يستطيع إثارة مكامن الفكر في نفسي .. ".
( لاحظ ليس مكامن الفكر في عقلي , بل في نفسي , و الذي نعرف أن الفكر في عقل الإنسان ! ).
" فلان يقول كل من لا تعجبه كتاباتنا فهو من أنذال العرب .."
" فلان يصفنا بأننا قائد الكتاب الخليجيين .."
و آخر يقول: " لقد أنشدت فأطربت .."
و الأخ الكريم يستغرب أن تصلنا رسالة شتيمة واحدة , يقول : " لأني لم ألمس لك إلا الحب الشديد من كل الناس .."
و فلان يقول " " إن عين العاصفة هي الوجبة الدسمة الشهية .."
فلان أرسل إلينا يقول :
" و إذا الفتى بلغ السماء بفضله *** كانت كأعداد النجوم عداه .."

__________________________

و بقي أن أقول , إن المجتمع و الأمة لا يمكن أن تتقبل مثل هذا المديح ، و لا أن تتقبل البراءة من حب المديح و حب الشهرة من إنسان ينشر مثل هذه القائمة الطويلة ممن مدحوه و كتبوا له رسائل ثناء و شكر و إطراء ..
و على كل حال .. الأمة تعرف مجاهدي الكاسيت كما سميتهم منذ زمن بعيد ,وقد بلتهم و جـرّبـَتـْهم في المحن و الشدائد , فوجدتهم أخلص الناس لها , و أثبت الناس في المواقف و الأزمات , و أصدق الناس , و إن كانوا ليسوا بالملائكة و لا بالمعصومين , و لكنهم من أتباع الرسل , و هم الورثة لهذا الميراث النبوي الكريم , و تاريخهم طويل , و لكن لعل اكتشافك لمعرفة الأمة بهؤلاء الرجال و اكتشافك أن الأمة لا ترضى بهم بديلاً و لا يمكن أن تقدم عليهم أحداً , و أنها تلفظ و ترفض كل من يناوئهم , هذا الاكتشاف جاء متأخراً و هو الذي سبب هذا الانزعاج لك فظننت أنهم ولدوا في يوم وليلة ..
هذا ما أحببت أن أطرحه بين أيديكم ..


المصدر / صيد الفوائد
أبو محمد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صفةالحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــج خطوة خطوة خطوة عيوني العيون الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام 2 12-14-2006 03:34 PM
سيرة محمد عليه الصلاه والسلام مياس الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام 5 10-16-2006 03:34 PM
البرنامج اليومي للصائمين ، لربة المنزل ، للحائض في رمضان أبومرحب الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام 1 09-17-2006 02:39 PM
معجزة علمية للحبيب صلى الله عليه وسلم حب العيون الـمــلـــتـــقــى الـــعـــام 3 08-10-2006 03:10 PM

ملتقى مدينة العيون

الساعة الآن 11:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

new notificatio by 9adq_ala7sas
ملتقى مدينة العيون

Security team